خطورة ازدياد العمالة الوافدة

شهدت الكويت نشاطاً ملحوظاً في أعداد العمالة الوافدة من الدول الأجنبية والعربية في الأربعينات والخمسينات وذلك بسبب العوائد النفطية في اقتصاد الكويت، وقد بدأ سيل تدفق العمالة الوافدة لاستخدامها في عملية البناء الشاملة، حيث بلغت نسبة العمالة في عام 1957 نحو 207 آلاف نسمة وتشكل العمالة الوافدة 45٪ من عدد السكان وتطور ذلك في عام 1961 الى 322 الف نسمة وتشكل العمالة الوافدة 50٪ وارتفع بعد ذلك في عام 1965 الى 467 الف نسمة وكانت نسبة العمالة الوافدة 53٪.
وفي عام 1973 ومع ارتفاع اسعار النفط زاد عدد العمالة الوافدة ووصلت الى 60٪ من مجموع عدد السكان، وبعد التحرير في عام 1991 ارتفعت نسبة العمالة الوافدة الى مليون و475 الف نسمة من اجمالي عدد السكان وهو مليونان و273 ألف نسمة، وشكلت تلك النسبة 65٪ عمالة وافدة من عدد السكان حتى وصل عدد الوافدين في الوقت الحاضر الى مليونين واربعمئة ألف نسمة من عدد السكان ثلاثة ملايين وستمئة ألف نسمة وتمثل نسبة العمالة ضعف عدد السكان، حيث يبلغ عدد السكان الكويتيين مليوناً ومئتي الف نسمة.
من هذه الاحصائيات لتزايد العمالة الوافدة منذ الخمسينات الى هذا اليوم نرى انها تحمل من الخطورة وصعوبة التوازن السكاني في دولة صغيرة مثل الكويت، حيث تحمل في طياتها كثيراً من المخاطر التي يجب التوقف ومراجعة الأمر حتى لا نصل الى المرحلة التي لا نستطيع التحكم بها وخصوصا ونحن نبحث خطة التنمية الموعودة والتي ستفتح الباب على مصراعيه لحاجة الخطة لكثير من الوافدين لإدارة المشاريع الجديدة من مدن ومدارس ومستشفيات ومنشآت حكومية خدمية.
فهل نحن واعون ومدركون لخطورة حجم العمالة والذي سيصل الى أرقام خيالية في التوازن السكاني والذي ليس له مثيل في أي دولة في العالم؟
لأن هذه الزيادة ستخلق معها مخاطر متعددة منها البعد الأمني ومنها البعد الثقافي ومنها البعد السياسي ومنها البعد الاقتصادي.
فالبعد الأمني حيث يكثر تكتل الجاليات ويكون لها منظمات خاصة بها لتهريب دخول الأفراد غير الشرعي وتهريب السلاح والمخدرات ونتائج ذلك على المجتمع والأمن الوطني.
أما البعد الثقافي فلكثرة العمالة الوافدة وما جلبته من ثقافاتها الخاصة واختلاطها بالأسر الكويتية ما يجعل الفرد الكويتي يقلد أو يتبنى بعض تلك العادات التي تختلف عن العادات الكويتيةس من ناحية دينية ولغوية وأخلاقية وخصوصا مع العمالة البسيطة غير المتعلمة التي تملأ المنازل الكويتية. أما البعد السياسي فهو التخوف من تغلغل بعض الجاليات في التنظيمات السياسية الكويتية والتي لها أبعاد سياسية خارجية ما يضر الاستقرار السياسي ويخدم المخططات الخارجية الأجنبية.
وأخيرا البعد الاقتصادي من حيث استنزاف الموارد الاقتصادية نظير الأجور التي يحصلون عليها بدون خصومات وضريبة كما ان الكلفة المالية غير المباشرة لهذه العمالة كبيرة وغير عادية من حيث تحمل الدولة الجانب الكبير من هذه الكلفة عن طريق الدعم المباشر وغير المباشر للخدمات مثل الرعاية الصحية والتعليمية والمواصلات والكهرباء والماء والمواد الغذائية وغير ذلك من استهلاك للبنية التحتية.
وأشارت بعض الدراسات الى ان هناك كلفة غير منظورة للأجور للعمالة الوافدة تصل الى أكثر من ضعف الأجر النقدي كما ان التحويلات الخارجية وهي خالية من الضريبة تصل الى مبالغ كبيرة لا تدخل في التدوير الاقتصادي المالي للاقتصاد الكويتي.
ان هذا التحليل الوافي عن تطور وازدياد العمالة الوافدة قد أخل بالوضع الأمني والثقافي والسياسي والاقتصادي للمجتمع الكويتي ويعمل على تهميش الفرد الكويتي في مجتمعه ويحثه على الابتعاد عن الوظائف العملية المهمة والتي تركت الى العمالة الوافدة وصار الفرد الكويتي لا يعمل الا في الوظائف المكتبية وترك العمل الفني والتقني الى العمالة الوافدة.
فهل نعمل على التفكير في ايجاد الحلول الطويلة الأجل لانقاذ البلد من كارثة المستقبل وقبل فوات الوقت يوم لا ينفع الندم لتحقيق مستقبل البلد في التوازن السكاني المطلوب لما فيه مصلحة هذا البلد الطيب؟
والله المستعان.

Previous Post
اقتصاد النفط لا يدوم واقتصاد الضريبة أبدي
Next Post
متى يبدأ الإصلاح الإداري؟
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300