أزمة الوحدة الوطنية

تأتي أهمية موضوع الوحدة الوطنية اليوم في الكويت نتيجة الحالة الراهنة التي نعيشها من الانقسام المجتمعي والعائلي البغيض الذي فرق بين أفراد العائلة الواحدة والتجمعات السياسية من قبلية وطائفية ودينية وصار شعار التحزب والشخصنة أساس العمل السياسي في البلد ما عمل على تدمير النسيج الاجتماعي وشمل كافة مناحي الحياة.
ان السؤال الملح هل مقومات الوحدة الوطنية متوافرة لدينا؟ أم علينا ايجادها ثم العمل على بنائها وإعادتها؟
لقد أصبحت الوحدة الوطنية وأسسها جزءاً من استراتيجية بعض الدول المتقدمة وتعتبرها جزء وسبباً من أسباب التقدم والازدهار في بلادها لأنها تعتمد على الترابط والتكامل والتآخي بين أبناء المجتمع الواحد المنصهر في بوتقة واحدة تعمل من أجل المصلحة الوطنية.
لهذا لم تعد مقومات الوحدة الوطنية شعارات يتغنى بها البعض في الإعلام بل هي عمل متواصل ومرتبط بالممارسة العملية على أرض الواقع من قبل أفراد المجتمع الواحد.
لذلك ان تجارب كثير من الدول مثل الشعب الأميركي كان أساسه خليطاً من الأجناس والديانات والأعراق واللغات ولكن جمعتهم الوحدة الوطنية الأميركية وصاروا مثلاً في تقدمهم وقوتهم في نظام يحترم الفرد ويطبق القانون وإتاحة الفرص والايمان بتكافؤ الفرص.
هذه مقدمة عن الوحدة الوطنية لتوضيح ان الوحدة الوطنية تقوم على ارادة الشعوب في تحقيقها متى أرادت ان تنطلق الى المستقبل في تحقيق أمنيتها في التقدم والازدهار، ان المجتمع الكويتي له تاريخ عريق فيالوحدة الوطنية فماذا حل بنا اليوم؟
ان المراقب للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الكويت يرى اننا لدينا كل الإمكانات والأساسيات للدفع بالوحدة الوطنية، خصوصا اننا نملك نظاماً سياسياً مستقراً وعريقاً مدعوماً بتحقيق الديمقراطية ودستور واضح وصريح ومتقدم على معظم دول المنطقة المحيطة، إذن هناك أساس قوي للاتجاه الى الوحدة الوطنية. السؤال: هل هذا يكفي؟ بالطبع لا، بسبب ان هناك أدوات أخرى من إعلامية ومجتمع مدني ومؤسسات قانونية متابعة لتطور المجتمع والتكيف مع هذه المتغيرات المتسارعة في العالم من تأثيرات خارجية أو داخلية من التوسع السكاني وازدياد مشاكل المجتمع.
لذلك دور الإعلام مهم في خلق فرصة جادة ومهمة في العمل على متابعة الأمور ومحاولة توصيل المعلومة الى المجتمع بكل شفافية وأمانة وعدم الخلط والكسب السياسي المؤقت،فدور الإعلام الرسمي مهم في استقرار المجتمعات ودعم الوحدة الوطنية، أما وحدات المجتمع المدني ورعاية الدولة لها ودعمها بميزانيات كبيرة أخل بالوحدة الوطنية لأن الدولة غائبة عن هذه الوحدات من حيث المؤسسين من حزبيين أو فئويين أو جماعات الدين السياسي، وصارت دور هذه الوحدات تخدم تلك الفئات ولا يخدم العمل الوطني ومن ثم الوحدة الوطنية وهذه الحالة يجب إعادة النظر فيها من قبل الدولة لأنها هي جزء كبير من تفلتت الوحدة الوطنية بعلم أو بإهمال من الدولة.
لذلك فإن على الدولة اذا ما أرادت العمل الجاد للوحدة الوطنية إعادة الخطاب الإعلامي الشامل وإعادة أسس انشاء وحدات المجتمع المدني من العضوية والهدف لتحقيق الوحدة الوطنية لما فيه خير هذا البلد الطيب.

Previous Post
اقتصادنا مريض
Next Post
البطالة عند الحكومة مسؤولية الجميع
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300