أزمة شركات الاستثمار الكويتية
يعد قطاع الشركات الاستثمارية العمود الفقري للاقتصاد الوطني في اي دولة وذلك لامكانياته الهائلة التي يمتلكها بطبيعة عمله، وفي الكويت يبلغ عدد الشركات الاستثمارية »100« شركة استثمارية مسجلة لدى البنك المركزي منها »52« شركة استثمارية مدرجة في سوق الكويت للاوراق المالية للعام »2010« بنسبة ما يقارب »23٪« من اجمالي السوق، وعلى الرغم من الامكانيات الهائلة التي يمتلكها القطاع الا ان الصعوبات التي تلاحقه منذ تداعيات الازمة العالمية في نهاية »2008« ومع صدور عدد من التشريعات الاقتصادية في »2011« جعل تلك الشركات تعيش حالة صعبة لقلة الفرص التشغيلية وكذلك صعوبة سداد ديونها من شح السيولة مع استمرار تلك الازمات في عام »2011«.
جاءت الازمة السياسية لتزيد من لهب الازمة على تلك الشركات التي باتت معرضة في »2012« لشبح الافلاس وخروج العديد منها من السوق مع صعوبة توقع مصير عدد منها مستقبلا.
وبنظرة تحليلية للبيانات المالية للشركات الاستثمارية المدرجة نجد ان هناك »34« شركة اعلنت نتائجها المالية لتسعة شهور من اجمالي »52« شركة في القطاع وحققت »12« شركة ارباحا صافية بقيمة اجمالية »66« مليون دينار فيما سجلت »22« شركة خسارة بلغت »171.8« مليون دينار، اي ارتفع صافي خسارة القطاع في عام »2010« بنسبة »60٪« الامر الذي يزيد من احتمال خروج عدد كبير من الشركات من دائرة المنافسة في عام »2012« ويتوقع الكثيرون ان »2013« عام الحسم بالنسبة لشركات الاستثمار فهناك نحو »30« شركة مهددة بالشطب طبقا للقانون وبسبب تكبدها خسائر فاقت »75٪« من رأسمالها.
ان ازمة شركات الاستثمار وعدم وضع الحلول الاقتصادية والقانونية لمشاكلها واستمرار تلك الشركات في المنطقة الرمادية بات امرا صعبا ولا يمكن استمراره طويلا، وعدم الفرز بين الشركات التي يمكن وتستطيع الاستمرار والشركات المنتهية وشبه المفلسة فلماذا وصلنا الى هذه الحالة من دون حل؟ وخصوصا اذا عرفنا ان اسباب المشكلة ليس فقط المشكلة الاقتصادية العامة ولكن هناك مشاكل اخرى لم يتكلم عنها احد وهي على الشكل التالي:
أولا: عدم محاسبة الجمعيات العمومية لتلك الشركات لاعضاء مجالس الادارات والادارات العامة فيها، حيث كثير من مشاكل تلك الشركات ليس لها استراتيجيات وخطط واضحة في تحقيق اهدافها، كذلك استغلال بعض اعضاء مجالس الادارة الشركة في تحقيق مصالحهم الخاصة على حساب الشركة الام، كذلك بعض قيادات المديرين لتلك الشركات تستغل مناصبها في تحقيق مصالح شخصية على حساب الشركة من دون رقابة وبطرق ملتوية حيث تجد في بعض الحالات ان بعض الشركات تحقق خسائر ويمكن ان تفلس ولكن المديرين يصبحون من اصحاب الملايين ولا يبالون بوضع شركتهم بل ان البعض يتصدر المؤتمرات الاقتصادية والاستثمارية ويحاضرون في مواضيع النجاح النظري وهم يحققون خسائر في شركاتهم وتجدهم يتصدرون الصحف اليومية في وضع الحلول لمشاكلهم التي هم سبب فيها لعدم جديتهم في الادارة ومصالح شركاتهم ودائما يطالبون بدعم الحكومة من دون وضوح الطلب في ذلك.
ثانيا: عدم تدخل الدولة عند بروز الازمة الاقتصادية من حيث تدهور الاصول المرهونة للبنوك لتلك الشركات كما هو حاصل في كثير من الدول المتقدمة والتي نجحت بها في تصحيح اوضاعها.
وأخيرا، يجب وضع حلول نهائية في فرز الشركات الاستثمارية ودعم الشركات القابلة للاستمرار وانهاء وضع الشركات غير القابلة للاستمرار وهذا صار من الامور المهمة لاعطاء شركات الاستثمار الدور المهم والضروري في الفترات المقبلة لما فيه مصلحة البلد الطيب.
والله المستعان.