أين سمو الرئيس من الخدمة المدنية؟
حسب قانون الخدمة المدنية ينشأ مجلس يسمى مجلس الخدمة المدنية يكون برئاسة رئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه الرئيس في ذلك ويعمل في اطار السياسة العامة للحكومة على تحديث الادارة العامة وتطوير نظم الخدمة المدنية في الجهات الحكومية ورفع كفاءة العاملين فيها وللمجلس ان يشكل لجانا سواء من اعضائه او من غيرهم لدراسة او متابعة الموضوعات التي يحيلها اليها. وفي المادة «5» منه يختص المجلس بوضع السياسات العامة المتعلقة بالتطوير الاداري في الجهات الحكومية بما يكفل تنظيمها وتخطيط القوى العاملة فيها وتنميتها وكذلك تطوير نظام التوظيف وغيرها من مجالات الخدمة المدنية كذلك العمل على تطوير التنظيم الاداري للدولة وابداء الرأي في تحديد اهداف الوزارات والادارات العامة واختصاصاتها وتنظيمها وسبل التنسيق ومنها اقتراح السياسة العامة للمرتبات والاجور بما يكفل التنسيق بين الجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة والشركات التي تسهم فيها الدولة بأكثر من نصف رأسمالها. ويختص المجلس ايضا باقتراح مشروعات القوانين وانشاء الهيئات والمؤسسات العامة واصدار التفسيرات الملزمة للجهات الحكومية واقتراح النظم الخاصة بالرقابة على الاداء ومتابعة نتائجه والكشف عن معوقاته والاستعانة بالبيوت الاستشارية المتخصصة في مجال تنظيم الادارة والاتصال بالجهات العلمية وتشجيع البحوث والدراسات في هذه المجالات. ان كل هذه الصلاحيات المهمة والواضحة للرئيس التي اعطيت له تتماشى مع ما هو واقع في حالة الخدمة المدنية حيث ان الحالة الحالية للعمالة في الاجهزة الحكومية تعطي مؤشرات خطيرة وليس هناك تصد لها من الرئيس من خلال المجلس وبسبب عدم الاهتمام تولدت مخاطر كثيرة وأولها: مخرجات التعليم المستقبلية والتزام الدولة بايجاد الوظائف المناسبة لها وفي النهاية تكدس العمالة بطريقة عشوائية وخلق للعمالة المقنعة والسافرة في وزارات الدولة ما يعوق العمل ويخل بالانتاجية كما اشار لها كثير من الدراسات المحلية والدولية. وثانيها الهجرة المعاكسة للعمالة من القطاع الخاص الى القطاع العام بسبب الزيادة غير المبررة وغير الطبيعية للرواتب الحكومية والتي تفوق في معظمها ما يعطيه القطاع الخاص. وثالثها فشل نظام دعم العمالة من الدولة في القطاع الخاص واهدار كثير من الاموال دون نتيجة واضحة لذلك النظام بل استغله كثير من المؤسسات الخاصة بطرق غير عادية. ورابعها ليس هناك أي بادرة لتوجيه مخرجات التعليم بما يتماشى مع حاجة القطاع العام لها. وخامسها ليس هناك أي تفكير بوضع خطط طويلة الاجل للاحلال. وسادسها ان سياسة التكديس للموظفين في جميع الوزارات والهيئات الحكومية ووضع كثير من الخريجين في وزارات أو مسؤوليات لا تتماشى مع اختصاصاتهم وسابعها وهي الفضيحة المثارة حاليا في تزوير شهادات جميع مراحل التعليم ما خلق كارثة وطنية لوثت معظم الوزارات بمزورين لا يهمهم مصلحة البلد ومازالوا مستمرين على رأس عملهم دون علم او خبرة مفيدة للبلد، لذلك السؤال المشروع: أين دور الرئيس ومجلس إدارة الخدمة المدنية من هذه الفوضى وتحمل المسؤولية في عدم تطبيق قوانين الخدمة المدنيه الواضحة. ان الرئيس ومجلس الخدمة المدنية يتحملان بالشراكة كل المسؤولية عن التقاعس في تطبيق القانون والرقابة اللاحقة عليه والعمل على تطوير أجهزة الخدمة المدنية. إنها مأساة حقيقية لما وصل إليه جهاز الخدمة المدنية من تسيب في الرقابة وتطبيق القوانين وتنفيذها كما يتحملها مجلس الأمة بصفته التشريعية والرقابية وعدم المساءلة في اصلاح الوضع في اوقاته المطلوبة والمستحقة. انه شرخ عميق في حق الوطن والمواطنين. ان على الرئيس والمجلس إصلاح هذا الخلل الجسيم حسب صلاحياتهم في قانون الخدمة المدنية المهدر وغير المطبق لما فيه مصلحة هذا البلد المسكين الطيب. والله المستعان.