اقتصادنا… قاصر
في مقارنة بسيطة بين اقتصاد الكويت وكثير من اقتصادات دول العالم من حيث أسس مكونات كل اقتصاد، فاقتصادات معظم دول العالم تعتمد على عدة عوامل تشمل مجمل قطاعات المجتمع من حقوق ومسؤوليات والتزامات بحيث يكون هناك تفاعل دائم وديناميكي بين المجتمع وعوامل تنمية أسس اقتصاده لتحقيق الرفاهية الدائمة والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة في أسس التشريعات بين طبقات المجتمع، وهذا يخلق الدورة الاقتصادية السليمة ويشجع المجتمع على التعامل مع الأدوات الاقتصادية بكل مرونة وجدية في التطبيق، لذلك كانت أسس اقتصادات تلك الدول تعتمد على عامل الضريبة لدعم الميزانيات والتي بدورها تستغل في مشاريع التنمية وخلق الوظائف المطلوبة عن طريق خلق وتشجيع الاستثمار للمستثمر المحلي والأجنبي في جميع القطاعات، وبالتالي تخدم التوظيف الوطني وتزيد من عمليات التصدير ومحاولة جعل الميزان التجاري لصالحها مع جميع الأدوات التمويلية المحلية والخارجية وفتح أسواقها للتفاعل مع الاقتصادات الأخرى وتحقيق التنافس الوطني على الدول الأخرى في عمل التشريعات الشفافة والتي تخدم أسس استقرار أسواقها لتتماشى مع القوانين الدولية ومشبعة بجميع الخبرات المحلية والدولية لتحقيق ذلك. هذه نبذة عما هو موجود في اقتصادات دول العالم، إذن فما هو موجود لدينا في الكويت؟ ان الاقتصاد الكويتي يعتبر اقتصاداً غير عادي ولا يعتمد على الأسس التي يعتمد عليها كثير من دول العالم، فهو اقتصاد يعتمد على مصدر دخل واحد وهو النفط وتعتمد الميزانية في صرفها على هذا الدخل وليس هناك أي مصادر مهمة تدعم تلك الميزانية وبالتالي فليس هناك ضرائب لمساعدة الميزانية في صرفها ودعم اقتصادها في خلق تدوير لرأس المال في التنمية وبالتالي هناك صرف من جهة واحدة تعتمد الدولة عليه في التنمية وفي دفع رواتب الموظفين الذين يمثلون 80٪ من المجتمع في القطاع العام المتضخم والذي يعيش في بطالة مقنعة واضحة وقلة انتاجية ودعم كثير من السلع للمواطنين من طاقة ومواد غذائية وكل هذه التركيبة الفاشلة والمسرفة والتي أدت الى كثير من السلبيات في التركيبة الاقتصادية للبلد، وهي حالة سوف تستمر الى ان ينضب النفط، لذلك فنحن بعيدون كل البعد عما هو موجود في التركيبات الاقتصادية في العالم، وليس هناك في الأفق أي بوادر لتعديل المسار الاقتصادي للدولة وهذه من الأمور المؤسفة والمؤلمة والتي لم تحرك الدولة أو الجهات الشعبية على الأقل ساكنا في الوعي لخطورة المشكلة وخلق البدائل المستمرة لاستقرار الدولة الاقتصادي، لذلك نحن نحتاج الى صحوة صارخة وصارمة في تغيير نمط اقتصادنا في ان نعد المشروع الوطني للمستقبل وهذا هو الطريق الوحيد لمستقبل بلدنا وحماية الأجيال القادمة من الهاوية لما فيه خير هذا البلد الطيب.
والله المستعان.