البديل غير الدستوري

ان المنظمة العالمية للرقابة على هيئات أسواق المال »Iosco« تشترط ميزانية مستقلة من الدولة لاي هيئة سوق مال لاستقرارها واستقلالها عن الحاجة من الاخرين التابعين لها وهم المراقبون منها وذلك تأكيدا لاستقلالها وشفافيتها.
إن المواد »18 – 19 – 21 – 23« في قانون هيئة سوق المال رقم 7 لسنة 2010 كلها تشير الى ان الهيئة ليس لها ميزانية محددة من الدولة او ميزانية مربوطة بميزانية الدولة السنوية وتتكون ميزانية الهيئة من الرسوم او اي موارد من نشاطها وهي غير مراقبة من ديوان المحاسبة المسبقة بل الرقابة اللاحقة وهي تحول الفائض من ميزانيتها بقرار من المفوضين بعد ان يترك ما فيه الكفاية لاستقرارها المالي على الامد الطويل الى خزانة الدولة.
هذا ما عبرت عنه المواد السابقة بقانون هيئة سوق المال ومن ذلك نرى ان عدم وجود ميزانية سنوية دائمة وثابتة لها ومربوطة بميزانية الدولة لا تخلق استقرارا ماليا ولا استقلالا لها حيث ان اعتماد الهيئة على الرسوم والغرامات وهي هيئة رقابية تشرف على اسواق المال وتراقب الشركات والبنوك فكيف تضع مصيرها بما يعطيها لها وحدات سوق المال فميزانيتها ستخضع للتذبذب وعدم الاستقرار ويمكن تخضع للافلاس في حال قصور الموارد عن احتياجات الميزانية.. ويطرح السؤال التالي هل لهيئة رقابية ان تفلس في حال عدم انتظام الاسواق؟ وهل الموارد المحصلة من الرسوم والموارد المختلفة من نشاطها الاساسي تكفي لميزانية هيئة رقابية تشرف على سوق المال بحجمه؟
وكيف يكون لديوان المحاسبة الرقابة اللاحقة على ميزانية الهيئة وهي ليس لها ميزانية مربوطة بميزانية الدولة السنوية؟
وكيف ايضا يحول فائض ميزانية الهيئة الى الخزانة العامة للدولة وهي ليس لها ميزانية مستقلة من الدولة او اي قانون يربط ذلك بميزانية الدولة السنوية؟
مما تقدم يوضح بكل سهولة أن موارد الهيئة حسب القانون الخاص بها لا تكفي لعملية تأسيسها او كموارد تكفي لميزانيتها لذلك جاءت المادة غير الدستورية وهي المادة »156« وهي من الاحكام الانتقالية بقانون الهيئة.
ونصها ان تؤول الى الهيئة كامل الاصول المادية والمعنوية لسوق الكويت للاوراق المالية عند صدور هذا القانون، هذا البديل لميزانية هيئة سوق المال بالحضور لتعارض ذلك مع المادة »24« من قانون الهيئة ونصها الحظر على الهيئة القيام بأي عمل تجاري كما لا يجوز لها اقراض الاموال او اصدار الاوراق المالية او الاستثمار فيها.
لذلك من النصين المتعارضين السابقين للمادتين »156« و»24« نرى ان انتقال اموال السوق التي تصل الى »210« ملايين دينار + قيمة التخصيص يمكن ان يصل المبلغ الى »300« مليون دينار تقريبا بالاضافة الى تحويل مبنى السوق الى مقر وملك للهيئة من هذه الاصول والتي دخلت في ملكية الهيئة ستضع الهيئة في التعامل من ذلك المبلغ الضخم من اموال العامة في وضعها كودائع مع البنوك وهذا يعتبر عملا تجاريا وخصوصا عند البحث عن افضل سعر فائدة على تلك الاموال وهي تخضع للنقاش والمساومة مع البنوك مع العلم ان البنوك تخضع لرقابة هيئة سوق المال فكيف يكون التعامل، وهل تعطي البنوك اسعار فوائد مقنعة؟ كذلك عندما تم تحويل مبنى سوق الكويت للاوراق المالية الى مقر ملكية للهيئة هذا ايضا يتعارض مع المادة »24« السابقة وذلك ان المبنى به مستأجرين من شركات عدة وهي تخضع لعقود تجارية وهي شركات استثمار وشركات وساطة وهي تخضع لرقابة الهيئة كما ان السوق بعد ان فقد مبناه سيقوم بعمل عقد ايجار مع الهيئة بشروط تجارية بحتة.
من ما ذكر اعلاه تعتبر عملا تجاريا تقوم به الهيئة وهذا يخالف المادة »24« والتي تنص على الحظر على الهيئة القيام بأي عمل تجاري وهذا ايضا يطرح التساؤل عن هل اعطاء الهيئة كل تلك الاموال العامة الضخمة ومبنى السوق لجهة ليس لها ميزانية من الدولة وليس عليها رقابة من الدولة أليس هذا مخالفا للدستور؟
ان المنطق والحل السليم هو الغاء المادة »156« من القانون عن طريق تشريع من مجلس الامة لحماية الاموال العامة والعمل على ان تسترجع تلك الاموال الى الخزينة العامة للدولة وعمل ميزانية مستقلة للهيئة من الدولة ومربوطة بالميزانية العامة للدولة.
وتحويل عملية التخصيص بكاملها الى الهيئة العامة للاستثمار لتخصصها في ذلك وعزل هيئة سوق المال كليا عن امتلاك او عملية تخصيص السوق حتى تكون هيئة مستقلة ومستقرة ليس لها عمليات تجارية او مالية او سيطرة على اي مرفق مالي او تجاري وتتفرغ لعملها الأصيل الذي انشئت من اجله وتتماشى مع ما هو موجود في القوانين الدولية.

Previous Post
المفارقة العجيبة
Next Post
ماذا نريد من تخصيص سوق الكويت للأوراق المالية؟
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300