البيروقراطية في القطاعين العام والخاص
البيروقراطية أو الدواوينية هي مفهوم يستخدم في علم الاجتماع والعلوم السياسية يشير الى تطبيق القوانين بالمجتمعات المنظمة، وتعتمد هذه الأنظمة على الإجراءات الموحدة وتوزيع المسؤوليات بطريقة هرمية والعلاقات الشخصية وهناك العديد من الأمثلة على البيروقراطية المستخدمة في الحكومات والعسكر والشركات والمستشفيات والمحاكم والمدارس، ويعود أصل البيروقراطية الى بيرو »Bureau« أي مكتب العمل واستخدم في القرن الثامن عشر ليس فقط للتعبير عن كلمة مكتب فقط، بل للتعبير عن الشركة وأماكن العمل ومعناها السلطة والكلمة في مجموعها تعني سلطة المكتب في العمل.
والنظرية الدواوينية تعني نظام الحكم القائم في دولة يشرف عليها ويوجهها ويديرها طبقة من كبار الموظفين الحريصين على استمرار وبقاء نظام العمل لارتباطه بمصالحهم الشخصية حتى يصبحوا جزءاً من نظام العمل، ويصبح نظام العمل جزءاً منهم ويرافق البيروقراطية جملة من القواعد والسلوك ونمط معين من التدابير تتصف في القالب بالتقيد الحرفي والشكلي بالقانون والتشريعات جاعلة البيروقراطية لب نظام العمل الاقتصادي والسياسي لعقلانية المجتمع فينتج عن ذلك الروتين وبهذا فهي تعتبر نقيضاً للنظام الحركي الخلاق، حيث تنتهي معها روح المبادرة والابداع الخلاق وتتلاشى فاعلية الاجتهاد المنتجة ويسير كل شيء في عجلة البيروقراطية وفق قوالب جاهزة تفتقر الى الحيوية والعدو الخطير للمتغيرات الايجابية هي البيروقراطية، ومن المتعارف عليها في المجتمعات الدواوينية، هي الروتين الممل والاجراءات المعقدة التي ليس لها فائدة سوى تأخير المعاملات وتعقيدها، وهذا المفهوم بلا شك يعتبر مفهوماً للدلالة على الرجال الذين يجلسون خلف المكاتب ويمسكون بأيديهم بالسلطة في العمل وهي تشمل المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص في العالم الثالث.
ان ازدياد التنظيم البيروقراطي واتساع فعاليته في المجتع حفز الكثير من المفكرين والباعثين على دراسة العلاقة بين البيروقراطية وبين الديمقراطية.
فيرى العالم »فيبر« ان هناك نوعا من التكامل والتفاعل بين البيروقراطية والديمقراطية لأن البيروقراطية تنطلق من تركيز السلطة في أيدي قليل من المسؤولين وتحد من حرية الأفراد تلك الحرية التي هي الأصل ومن مرتكزات الديمقراطية، لذا فهو يرى ان البيروقراطية تشكل خطراً على الحريات الديمقراطية، ولكنها في الوقت نفسه تقوم بوظائف مهمة في المجتمع الديمقراطي لا يمكن تجاهلها عند تكامل البيروقراطية مع الديمقراطية في الاتجاه الصحيح.
أما عالم الاجتماع الألماني »روبيرت مايكل« فيرى ان ازدياد البيروقراطية في المجتمع المعاصر يؤدي الى تحولها الى نظام السيطرة للنخبة على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وان الهيمنة نتيجة حتمية للنظام البيروقراطي وهي متأصلة في بنية عمله وآليته، ورأى ان ازدياد البيروقراطية في المؤسسات الحديثة المعاصرة أدى الى تركيز السلطة في أيدي عدد قليل من الأفراد الذين يتمتعون بالسيطرة على الجهاز البيروقراطي ويصير الهدف الأساسي لهؤلاء وهو تعزيز موقعهم في السلطة على حساب المؤسسات.
ويرى المفكر الأميركي »روبرت ك. بيرتون« ان السلوك البيروقراطي يفتقر الى المرونة وهو دائم النزوع الى تحويل البيروقراطية من أداة ووسيلة الى غاية وهدف، وعلى هذا النحو تتم عملية استبدال الهدف ومن ثم يصير الشكل أهم من الجوهر، وبذلك تتحول عملية التنظيم البيروقراطي الى غاية عقيمة في حد ذاتها، بدل أن تكون وسائل ناجعة للوصول الى الأهداف المحددة، وعندها تكون النتيجة الوقوع فيما لا نهاية له من الأوراق والملفات والإجراءات، وتتحول الى روتين يعيق عمل المؤسسات وطبيعة عملها في المجتمعات.
هذه مقدمة مطولة لمفهوم البيروقراطية وأثرها على تقدم ومستقبل الدول في كيفية ضبطها وتوجيهها لتتكامل مع الديمقراطية الحقيقية وتغيير مفهوم البيروقراطية الى مفهوم العمل المتغير مع متغيرات الحداثة، حيث يتم خلق مجتمع خلاق وايجابي لخدمة متطلبات الحياة الديمقرواطية وتقدم المجتمع الى الأفضل، وفي النهاية أين نحن في الكويت من البيروقراطية ومن يخرجنا من مأزقها في القطاعين العام والخاص لما فيه مصلحة هذا البلد الطيب.
والله المستعان.