التخصيص قبل الندم يا حكومة
إن التاريخ الاقتصادي للكويت مر بمراحل مختلفة حسب الحاجة وظروف الواقع، فكان القطاع الخاص قبل مرحلة النفط هو المحرك والداعم للدولة في اقتصادها، والدولة دورها ثانوي في تلك المرحلة واختصت في الأمور السيادية، الا انه وبعد تدفق النفط حصل تغيير كبير في تقلص دور القطاع الخاص وتعاظم دور الدولة في ادارة الاقتصاد والتنمية. ان دور الدولة في البدايات كان مهما وضروريا ما أسهم في تحقيق الدولة المدنية الحديثة. ووضع كثير من الأسس التعليمية والثقافية والصحية والخدمية والعمرانية حتى صارت الكويت في تلك المرحلة درة الخليج العربي، وعم الخير على المواطنين من توزيع الثروة حتى صارت الطبقة المتوسطة في الكويت من اكبر الطبقات في المنطقة. وهذه مرحلة كانت جيدة ومهمة للدولة في تملك وادارة الاقتصاد والخدمات. ولكن لم تفهم الدولة المتغيرات التاريخية والتحولات الاجتماعية وبدأت الدولة تعاني من زيادة عدد السكان والتجنيس العشوائي وقضية البدون وعدم قدرة جهازها المالي والاداري على التعامل مع تلك المتغيرات. ما اوقع الدولة في ارباك حقيقي بسبب تملكها وادارتها لكل المؤسسات الاقتصادية والخدمية. كما صعب عليها ذلك تنفيذ خططها التنموية والسيطرة على تلك الاختلالات، ودفعها الى الصرف غير الواقعي للتغطية على المشاكل الاقتصادية والخدمية والاجتماعية أيضاً صعب عليها الاستمرار في الصرف غير المبرر بسبب اصرارها على الادارة والتملك.
ان الدولة لم تفهم المتغيرات التاريخية التي يجب أن يحسب حسابها والانحناء لها لوضعها في اطارها الصحيح حسب المرحلة الجديدة المقبلة والاقتداء بما مرت به دول العالم المتقدمة في ذلك التغيير الجوهري والمهم في تقدمها. لذلك كان للقطاع الخاص دور قبل استخراج النفط والدولة بعد ذلك. واليوم ليس لنا حل غير العودة الى القطاع الخاص عن طريق التخصيص العلمي المجرب في كثير من دول العالم الناجحة. ان التخصيص صار هو الحل الوحيد والمطلوب للمرحلة المقبلة لنقل العبء من الدولة الى المستثمرين المحلي والاجنبي حتى نسير في الطريق الصحيح لخدمة مستقبل هذا البلد الطيب. والله المستعان.