التعليم الحكومي ومشاكله الاقتصادية

الاستثمار في الانسان يكمن من خلال التعليم المتطور الجيد الذي يحقق في النهاية الغاية التي ينشدها المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وان نجاح اي مجتمع في تحقيق ذلك يحتاج الى وجود تعليم سليم يقود ابناءه الى النماء والازدهار المستمرين اللذين يخلقان الدولة المتقدمة والحقيقية المستدامة، فالعملية التعليمية هي الوسيلة التي يتزود الفرد من خلالها بمعارف وعلوم وصحة تكون معبرة عن طموحات المجتمع وحاجاته المختلفة فنحن نعيش في عصر بدأت فيه المعرفة تأخذ اشكالا متنوعة ومتطورة ومن هنا كان على العملية التعليمية ان تتغير نحو الافضل لمسايرة ما يستجد على الساحة التربوية والتعليمية في العالم كذلك يساهم التعليم الجيد في تعديل نظام القيم بما يتناسب والطموحات التنموية في المجتمع وهذا بدوره يعمل على تعزيز قيم العمل والانتاج ودعم الاستقلالية في التفكير والموضوعية في التصرف ونبذ الاتكالية والنزعة الاستهلاكية واطلاق الطاقة الابداعية للفرد لتنمية قدراته على الملاحظة والتجريب والتحليل والتطبيق وتأكيد دور الفرد في المساهمة في بناء مجتمعه، فالتعليم الجيد اداة تحقيق التماسك الاجتماعي وتزيد من الوعي السياسي بين المواطنين.

ان هذه المقدمة توضح حقيقة التعليم الجديد والمطلوب لأي مجتمع فماذا لدينا نحن في الكويت؟ ان مشكلات الكويت التعليمية تكمن في ثالوث العملية التعليمية الا وهي المعلم، والمنهج والمدرسة، وكيف انها تمر في ظروف غير عادية في تحقيق التعليم الجيد المنشود وأنه آن الاوان لأخذ الامور بمزيد من الجدية والصراحة والصرامة لتصحيح التشوهات التي اظهرتها كثير من الدراسات وعرضتها تقارير المختصين والخبراء الدوليين فيما يتعلق ببنية ومناهج واسس النظام التعليمي في الكويت.

ان الانفاق الكبير على التعليم في الكويت يذهب اكثر منه الى بند الرواتب والاجور والمكافآت والتي تلتهم ثلاثة ارباح هذا الانفاق ويتجاهل حقيقة انه انفاق استثماري تستفيد منه الموارد البشرية حيث البشر هم وسيلة وغاية لتحقيق التنمية المستدامة للمجتمع بتوفير مستلزمات التعليم الحقيقية لأفراده كما ان انتشار الدروس الخصوصية يعبر بوضوح عن التدهور الذي اصاب النظام التعليمي العام برمته وخلق تعليما موازيا على حساب وقت الطالب وميزانية اسرته وتكريس اسلوب الحفظ والتلقين وتعزيز الاتكالية والاعتماد على الغير لدى الطلاب الذين هم امل المستقبل غير المأمول في هذا الوضع، كذلك من اسباب تدهور التعليم والرؤية الاستراتيجية المستقبلية ما انعكس عمليا على الادارة التعليمية والمدرسية وما اصابها من تضارب وضعف وما ضعف النشاط المدرسي الا نتيجة منطقية لهذا الغياب لاستراتيجية واضحة المعالم للتعليم الحكومي وربط المخرجات التعليمية بحاجة سوق العمل من الكفاءات والتخصصات التي تتماشى مع متطلبات العصر، وفي مواجهة تلك المشكلات وتحليلها توصلت الدراسات الفنية والموضوعية الى التوصيات التالية:

اولاً: وضع استراتيجية متكاملة للتعليم ودعمها بالتشريعات والقوانين المطلوبة لنظام تعليمي متطور كما ونوعا ويشمل جميع المراحل التعليمية مع ربط الاهداف والبرامج التعليمية بأهداف التنمية الشاملة ومتطلبات سوق العمل.

ثانياً: الاهتمام بالمدرس علميا وماديا وفنيا وتربويا، من ناحية التكوين المهني الجيد والمتابعة والتدريب المستمرين.

ثالثاً: تنقية المناهج المدرسية من الحشو الزائد عن الحد في اغلب المواد والاهتمام بمسايرة العصر وتطبيقاته والاعتماد على تنمية مناهج التفكير العلمي والمنطقي والاندماج في منظومة التعليم الحديثة لاستشراف المستقبل.

رابعاً: تطوير المباني المدرسية ومدها بكل المتطلبات لتنويع ودعم الانشطة الطلابية والرياضية والفنية والثقافية، وجعل المدرسة عنصر جذب، وليس طرداً للطالب واهتماماته.

خامساً: اهمية توثيق العلاقة بين البيت والمدرسة عن طريق المجالس المشتركة لضمان سير العملية التعليمية.

سادساً: العمل على غرس قيمة العمل اليدوي والفني واحترامه بين الطلاب، واسرهم لأهميته في تحسين وتنمية اقتصادات ومستوى معيشة الطالب واسرته.

سابعاً واخيرا: ادخال عناصر مراقبة الجودة في الادارة التعليمية ومسايرة احدث اساليب التنظيم والادارة واعطاء حرية اكبر لادارة المدرسة في تطبيق اللوائح بما يتناسب مع الارتقاء بجودة اسلوب الادارة بما يحقق اهداف ومعايير الانفاق، والعائد في حقل التعليم.

هذه المقالة لتوضيح مفاهيم التعليم السليم والمطلوب في هذه العصر، ومقارنته بمشكلات التعليم في الكويت والحلول المطلوبة والضرورية لمسار جديد في نهج التعليم الحديث وتطبيقاته، ان عامل الزمن ليس بصالحنا، فالمطلوب من الحكومة ومجلس الامة وجمعية المعلمين وجميع من له علاقة بالتعليم ان يضع في تفكيره وضع التعليم في الكويت ووضع اسس جديدة لتعديل المسار لما فيه خير هذا البلد الطيب.
والله المستعان.

Previous Post
سمو الأمير يحرص على دعم الاقتصاد والمستقبل
Next Post
تحذير من عجز الميزانية عام 2018
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300