التنمية البشرية قبل الاقتصادية

التنمية البشرية هي الثروة الحقيقية لأي مجتمع فالقدرات التنموية لأي بلد مرتبطة بما يملكه من طاقات بشرية مؤهلة ومدربة وقادرة على التكيف والتعامل مع اي جديد بكفاءة عالية كما وضعها البرنامج الانمائي للأمم المتحدة كقياس جديد للتنمية البشرية والذي يعد مقياسا كميا ونوعيا لاوضاع التنمية البشرية حيث يرتب الدول على أساس ما حققته من نجاح في تلبية الحاجات الانسانية وتحسين معيشتهم شاملا لمقياس ومعايير اجتماعية مثل التخصيص الامثل للموارد الاقتصادية والاختيارات الاقتصادية والحرية والاوضاع التعليمية والصحية والحاجات الاساسية هي وضع برامج عمل ناجحة بحيث تغطي جوانب مهمة من عملية التنمية الاقتصادية بوجهها البشري وتشمل الرعاية الصحية الجيدة والتعليم الاساسي الهادف ودعم المشاريع الصغيرة ذات الخطط بعيدة المدى الهادفة والتطوير المستمر للبنية التحتية.
ان تجربة دول جنوب شرق آسيا تعد من اهم تجارب الشعوب في مجال تنمية الموارد البشرية فقد قطعت هذه الدول على نفسها التزامات مهمة تجاه تجميع رأس المال البشري وتحويله الى طاقة وميزة تنافسية عالية تم توجيهها الى استثمارات عالية الانتاجية وكان مبعثها ايمانها بأن سر نهضتها ونموها يكمن في عقول مواطنيها وسواعدهم وقد كان من ثمار ذلك ان حققت اقتصادات هذه الدول معدلات متسارعة من النمو فاقت بها اكثر بلدان العالم تقدما حتى اطلق عليها تسمية »النمور الآسيوية« واصبحت مثلا يحتذى به لكل من اراد أن يلحق بركب التقدم بسبب العناية بالصحة وتطوير المعرفة والتعليم والمهارات والانتفاع بها في مجال العمل من خلال توافر فرص الابداع او التمتع بوقت الفراغ والاستمتاع باحترام الذات وضمان حقوق الانسان او المساهمة الفاعلة في النشاطات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية الهادفة وبسبب ذلك اصبحت التنمية البشرية توجها انسانيا للتنمية الشاملة المتكاملة وليست مجرد تنمية موارد بشرية بل كانت التنمية البشرية اساس التنمية المتكاملة فماذا لدينا في الكويت؟ نحن في الكويت نعتني بكل شيء ما عدا تنمية الانسان واعداده ليكون اساس التنمية المتكاملة والشاملة فعندنا ثروة غير مسبوقة في تاريخ الدول ونصرف ببذخ على كل شيء ونسينا تنمية الموارد البشرية والتي هي الاساس والقاعدة الضرورية لتنمية البلد من جميع النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وخلق انسان منتج ومبدع وسندا لتقدم الدولة واستمراريتها كدولة رفاه ينظر لها بإنتاجية مواطنيها وليس بأموالها. ان الكويت تمر بمرحلة صعبة بسبب الفلسفة العامة للدولة الريعية والتي لا تقيس الامور بين الصرف والعائد على المواطن والدولة وهي سياسة وفلسفة ستؤدي الى اختناقات اقتصادية متراكمة ستنعكس على الدولة والمواطن بمخاطر كثيرة وكبيرة من سياسية واقتصادية واجتماعية يصعب حلها للتمادي بالسير في هذا الطريق والذي حذرت منه جميع المنظمات الدولية والمؤسسات الاقتصادية المحلية الخاصة.
ان الدولة بجميع مؤسساتها ومجلس الامة ومؤسسات المجتمع المدني لا تعي ما نحن مقبلون عليه من مخاطر مستقبلية من عجز مالي لا يستطيع اي يوفي بمرتبات القطاع العام وترك الموضوع على ما يأتي به المجهول انها مسؤولية كبيرة وخطيرة تتحملها تلك المؤسسات في عدم الوعي لتلك المخاطر ان هذا الوطن لا يستاهل هذا التقصير من قيادات هذا البلد فيجب اعادة النظر في مستقبل وامنيات مواطني هذا البلد واللعب بمقدراته بطرق غير منتجة انتاجا حقيقيا لذلك ليس لكم طريق غير تغيير فلسفة الدولة الريعية والقياس بين الصرف والانتاجية واعادة هيكلة الدولة بالعمل على وضع التنمية البشرية هي اساس التنمية الحقيقية للدولة وهي القاعدة التي تخلق التنمية الحقيقية في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتي توصل البلد الى الوضع الحقيقي المطلوب لما فيه مصلحة هذا البلد الطيب.
والله المستعان

Previous Post
دور الأسواق في النشاط الاقتصادي
Next Post
مقارنة بين تصريحين
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300