الحداثة والشفافية وتطبيق القانون تحقق الاستقرار السياسي

إن الكويت دولة صغيرة تتمتع بوفرة مالية غير عادية ويشارك ابناء المجتمع في التمتع بتلك الوفرة من حيث التعليم والصحة وضمان الوظيفة وعدم وجود أي ضريبة على الفرد في الدولة بالاضافة الى الدعم غير العادي الذي تقدمه الدولة للمواطن والوافد في أسعار الوقود ودعم اسعار تكلفة الكهرباء، فليس هناك دولة تتمتع بأسعار الوقود بأقل من اسعار الماء والكهرباء فالتكلفة الحقيقية نحو اربعين فلسا تقريبا، وتباع للمستهلك بفلسين فالدولة حرصت منذ بداية اكتشاف النفط على مشاركة افراد المجتمع الكويتي في تلك الثروة بشتى الطرق.
إذن ما هي مشكلة المجتمع الكويتي؟
مشكلة المجتمع الكويتي تتمثل في الحكومة، فمع كل المزايا التي ذكرناها سابقا فهي لا تدير البلد بطريقة الادارة الحديثة بل هي تدير البلد بطريقة اللعبة السياسية فهي تخلق الازمات لنفسها من دون سبب ومستمرة حتى هذا اليوم في تعقيد المجتمع، فمازالت اللعبة القديمة مستمرة ولا نرى حتى في الافق بوادر الاصلاح لانحراف الحياة الاقتصادية والقانونية، فالوعي زاد عند الناس فافراد المجتمع بكل فئاته يتكلمون عن الفساد وعدم تطبيق القانون، وصارت الدولة كأنها غير مسؤولة عن ذلك، ولا تهتم بتغيير المنهج الذي تسير عليه، فالخدمات العامة من صحة وتعليم كلها في تخلف مع الصرف الكبير عليها، فالدولة ليس لديها خطة واضحة في الاصلاح والتنمية بل مازالت تلعب لعبة المحاصصة بين التجمعات السياسية من قبلية ودينية وطائفية وتجارية وهذه سياسة غير مستقرة ولا تؤدي الى الولاء للدولة وتدعم سياسة انحراف المجتمع ودفعه الى سياسة الولاء للتجمعات السابقة وهذه سياسة خطيرة وانتهى دورها في مراحل سابقة عندما كان المجتمع صغيرا ولا تؤثر المحاصصة على المجتمع والدولة.
أما اليوم فالأمور تغيرت وصارت الدول لا تستعمل التكنولوجيا في كل اعمالها وصار المجتمع يستعمل تقدم التكنولوجيا في نقل المعلومة والتواصل بين فئاته، وتنتشر المعلومات بين افراده بسرعة مذهلة، ما خلق فراغا بين تحرك الدولة وتأثر المجتمع بالمعلومة وهذا جعل الدولة متأخرة في التجاوب مع احتياجات المجتمع.
لذلك نرى ان الحكومة تقع في اخطاء كثيرة بسبب عدم وجود مراجع اقتصادية وقانونية مواكبة للمتغيرات الكبيرة في المجتمع والتكنولوجيا المتسارعة.
اذن لماذا يحصل ذلك والدولة عندها كل الامكانات المادية والبشرية في تحقيق تطلعات المجتمع، فليس لها عذر في عدم القيام بذلك وما هو السبب؟
ان الدولة غير راغبة في تحقيق الأمور الضرورية والمهمة في تغيير ذلك النهج وهي امور واضحة المعالم وطبقت في كثير من الدول ونجحت في ذلك مع ان ظروفها الاقتصادية اصعب من ظروف الكويت وما الامور الضرورية والمهمة التي يجب ان تنهجها الدولة؟
ان هذه الامور على الشكل التالي؟
اولا: وقف موضوع المحاصصة واتباع الاسلوب العلمي في رفع مستوى الادارة الحكومية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
ثانيا: عمل نظام ضريبي ليس للجباية في الوقت الحاضر، انما هو نظام مهم في حياة وشفافية الدول من حيث التقارير الدورية من اطراف المجتمع عن الدخل والصرف لتحقيق وتوازن بين فئات المجتمع من حيث مستوى تحديد كل فئة في المجتمع من غنية ومتوسطة وفقيرة وذلك لمساعدة واضعي الخطة في الدولة والتعامل مع كل فئة بشفافية في تحقيق متطلباتها وواجباتها من واقع حقيقي يحقق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
ثالثا: تخصيص القطاعات الخدمية في الدولة وحث القطاع الخاص المحلي والاجنبي على المشاركة الحقيقية في التنمية وتخفيف عبء الدولة في الحاضر والمستقبل على ميزانياتها وهذا مردوده واضح على الدولة من حيث الصرف المالي وتحمل اعباء العمالة الحالية والمستقبلية وجعل دور القطاع الخاص يتحمل مسؤولية التنمية مع دعم الدولة له وتسهيل عمله في تحقيق ذلك.
هذه امور مهمة لو اتبعتها الدولة لحققت كثيرا من اهدافها بطريقة غير مكلفة وترفع الحرج عنها في كثير من الامور السياسية وتحقيق امنيات المجتمع لما فيه خير هذا البلد الطيب.والله المستعان.

Previous Post
مرض المحاصصة في تخريب الإدارة الحكومية
Next Post
إلى متى نعيش في المنطقة الرمادية؟
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300