الحقيقة والأمل في إصلاح الكهرباء بالكويت

الحقيقة التي باتت معروفة ومنشورة عن كلفة انتاج الكهرباء والعائد عليها من المستهلكين مما يهدر المال الكثير ويصل الى أرقام فلكية غير مسبوقة في تاريخ الكويت، فكلفة الانتاج تصل الى »3.2« مليار دينار، فيما التحصيل لا يكاد يصل الى »160« مليون دينار وهذا يمثل هدرا يقدر بـ »95٪« بسبب التسعيرة وهي الأدنى في العالم وبمقارنة خليجية نجد ان التسعيرة محليا هي الأدنى والكويت الدولة الوحيدة في مجلس التعاون التي لا تعتمد السعر التصاعدي مع ازدياد استهلاك الكهرباء، وهي تمثل فلسين محليا فيما يصل فيالسعودية وعمان ودبي »20، 22،30« فلسا على التواليوتؤكد تقارير دولية ان الهدر يطال الآن»10٪« من النفط في انتاج الكهرباءوتصل الكلفة »38« فلسا والتحصيل »2« فلس وحسب التقارير الدولية فإن التكلفة المالية الباهظة التي تتحملها الدولة نتيجة دعمها المرتفع لتوفير الخدمة الكهربائية وهي في ارتفاع مع ثبات رسوم الخدمة على المستهلك منذ عام 1966.
ويعود السبب الرئيسي في ارتفاع الكهرباء الى المكونات المستخدمة في توليد الكهرباء في الكويت اذ يتم توليد الكهرباء عن طريق حرق مزيج الوقود المسال الذي يتكون »70٪« منه من النفط الخام ومنتجات نفطية أخرى مقابل »30٪« للغاز المسال وهو ما يستنزف »300« ألف برميل يوميا من انتاج الكويت من النفط أي »10٪« تقريبا من الانتاج النفطي الفعلي للدولة اضافة الى اضطرار الدولة لاستيراد ما قيمته »1.5«الى ملياريدولار سنويا من الغازالطبيعيالمسال لاستخدامه في المزج المستخدم في توليدالكهرباء ومن منظور اقتصادي فإن الكويت ستجني أكثر من »3« مليارات دينار سنويا لو صدرت النفط الخام المستخدم في توليد الطاقة الكهربائية وباعته بأسعار الأسواق العالمية الحالية ويبدو ان الوضع سيزداد سوءا، وان تكلفة توليد الكهرباء سترتفع على الدولة كثيرا في ظل ما يتوقعه تقرير للبنك الدولي وهذا ما تؤكده الحسابات الختامية لوزارة الكهرباء عن السنة المالية المنتهية في 31 مارس 2012 عن تكلفة الانتاج للكهرباء والماء والتي بلغت »3.2« مليار دينار مقارنة بـ »2.3« مليار دينار في السنة المالية المنتهية في 31 مارس 2010، اي بارتفاع بلغ »35٪« خلال عامين فقط، فكيف سيكون الحال عند تنفيذ خطة التنمية البالغة »135« ملياردولار؟ فهذهالخطة سوف تتوسع بدون رحمة في استهلاك الكهرباء والماء من حيث حجم المشاريعالجديدة من مدن وما بها من مدارس ومستشفيات ومساجد ومرافق حديثة حكومية وما يواكبها من زيادة عدد السكان من كويتيين ووافدين.
فاذا كان عدد السكان حاليا »3.6« مليون نسمة منهم »1.2« كويتي و»2.4« غير كويتي وهذا العدد سوف يتضاعف في حالة التوسع في خطة التنمية من حيث حاجة المدن والمستشفيات والمدارس والمساجد ومرافق الدولة الرسمية لخدمة تلك التوسعة ما سوف يضاعف الحاجة الى التوسع في انتاج الكهرباء والماء وسوف تزيد التكلفة على الدولة اذا لم تغير نهجها في الدعم غير الطبيعي لتلك الخدمة غير الموجود في أي بلد في العالم.
ومع وضوح الحقيقة وخطورة التوسع في ذلك لم نر أيا من مسؤولي الدولة يتحدث عن ذلك بل كل اهتمامهم عمل المناقصات التي توسع الانتاجبدون التفكيرفي البدائل التي تخفف العبء على الدولة.
ان الاقتصاديين فيالعالم دائمايبحثون عن الجدوى الاقتصادية لأي مشروع فما بالنا في الكويت ليس في عالمنا التفكير في الجدوى الاقتصادية لأي مشروع وخاصة موضوع الهدر في انتاج الكهرباء والماء مع مردود لا يذكر مقارنة بالكلفة.
هذه مقدمة ضرورية لتوضيح الأوضاع الصعبة الحالية والمستقبلية للدعم غير الطبيعي لتلك الخدمة فما هو الأمل؟ ان الأمل في وضع استراتيجيات ومبادئ جديدة تصلح الوضع وتضعنا على الطريق الصحيح بالشكل التالي:
أولا: يجب تخصيص قطاع الكهرباء الحالي وتحميل القطاع الخاص مسؤولية ادارة الخدمة لخبرته في الادارة وتحليله للأمور الاقتصادية عن طريق مدى جدوى المشروع وعلى الدولة المساعدة على ذلك اما بالمشاركة في البداية او التحويل الكامل لادارة القطاعالخاص المحلي والعالمي وهذا يساعد على نقلالتكنولوجيا العالمية منادارة وطرق فنية عالية الجدوى.
ثانيا: وقف مشروع التنمية في التوسعفي مشاريع الكهرباء واعطاء الفرصة للقطاع الخاص ليواكب التوسع حسب مشروع التنمية على أسس اقتصادية سليمة وعادلة تحت مراقبة الدولة.
ثالثا: على الدولة ان تعمل على تشريعات جديدة لاستعمال آخر التكنولوجيا في توفير كلفة الطاقة من لمبات إنارة ذات توفير عال في استعمال الطاقة، وكذلك التكييف المركزي حيث يكون استعمال الاجهزة التي تستهلك أقل طاقة وتكون محمية من حرارة الصيف العالية لأن التكييف يستخدم تقريبا »70٪« من الطاقة الكهربائية بسبب سوء حماية اجهزة التكييف في سطوح المباني وهي مكشوفة للشمس التي تصل في الصيف الى »80« درجة في الشمس المباشرة.
ان الأمل في تحقيق ذلك صار ضروريا وواجبا علىالدولة لأن الطريق الذي تسيرعليه الدولةفي تحمل الكلفة العالية لتوفير الطاقة الكهربائية للبلد ينذربمشاكل في المستقبل اذا لم نغير استراتيجيتنا في التعامل مع مثل هذه المواضيع.
وفي النهاية كلنا أمل في الدولة ان تفكر جيدا في ذلك لما فيه مصلحة البلد واقتصاده والذي يضعنا في الطريق الصحيح لمواجهة المستقبل الذي هو هم هذا البلد الطيب.
والله المستعان.

Previous Post
تعارض المصالح والمحاباة والمحاصصات على حساب الدولة »2«
Next Post
بلدية الكويت إلى أين؟
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300