الحكومة وقنبلة البطالة المقنعة
إن أي مراقب لسياسات أي حكومة في العالم وتعاملها مع القوى العاملة في المجتمع في توفير الفرص المناسبة في التعيين على أسس انتاجيتها واستقرارها الوظيفي الطويل الامد يحصد ويسجل نتائج تلك السياسات على الاقتصاد الوطني ومستقبل مواطنيه لذلك فموضوع العمالة مهم ويشغل كثيرا من الدول في المنظور الاقتصادي والاجتماعي وانعكاساتها على العامل السياسي واستقرار المجتمع ومن أهم المواضيع التي تشغل كثير من الدول، موضوع كيفية التخطيط في عدم الوصول في القوى العاملة الى مرحلة البطالة المقنعة المكلفة والمخلة في استقرار المجتمع لذلك فالبطالة المقنعة هي مصطلح يعبر عن مجموعة من الافراد الذين يحصلون على أجور أو رواتب دون مقابل من العمل وهي النسبة التي تم سحبها من مجال العمل التي لا يترتب على خروجها أي نقص في اجمالي انتاجية العمل في الجهات التي يعملون لديها فالبطالة المقنعة تحدث في كثير من الدول النامية نتيجة تكدس العاملين في الجهاز الحكومي ما يفوق احتياجات تلك الجهات وذلك نتيجة التزام الدول بتعيين الخريجين من دون ان يكون هناك احتياج حقيقي لهم وكذلك تكون البطالة المقنعة احيانا بشكل صريح عبئا لانه لا انتاجية لهم فالبطالة ايضا سبب من اسباب البطالة الظاهرة وليس العكس وهذه النقطة المهمة لا يعيها الناس فموارد الاموال العامة التي تنفق من دون انتاج كان من الممكن الاستفادة منها في توظيف العاطلين في مواقع عمل منتجة يتقوى بها الاقتصاد الوطني وبالتالي تتوافر بها وظائف جديدة للمواطنين والبطالة المقنعة عادة ما تقتل الكفاءات والمواهب لان اكثر الناس يعملون لكي يعتاشوا، فإذا كانت معيشتهم قد تم حسمها من خلال البطالة المقنعة فسيروا عدم اهمية استخدام كفاءاتهم ومواهبهم بسبب تعيينهم في اماكن ليس لها علاقة بتخصصاتهم التي افنوا عمرهم في تعلمها ومستقبلهم الوظيفي لتحقيق طموحاتهم المشروعة لذلك اين نقع في الكويت من هذه الظاهرة؟
ان هذه المقدمة كانت ضرورية لمعرفة موقعنا في الكويت من هذه الظاهرة هل نحن فعلا نمثل حقيقة تلك الظاهرة؟ نعم الكويت تقع في بطن تلك الظاهرة المتمثلة في البطالة المقنعة والسافرة حيث اننا في فخ تلك الظاهرة وليس هناك اي مظاهر تشير الى وضع خطط للخروج منها بل هي متفشية وليس هناك في الافق اي خطط حكومية تعمل على وضع الاسس لحلها او التقليل من اثرها وتفادي مخاطرها السؤال ما العمل المطلوب من الحكومة لتفادي ذلك؟ المطلوب في اعتقادي قبل فوات الاوان وضع الاسس والخطط التالية للحل:
اولا: هناك عمالة اجنبية هامشية كبيرة في البلد يمكن وضع خطط احلال طويلة الامد مع التدريب المطلوب للاحلال عن طريق تصحيح التركيبة السكانية.
ثانيا: معالجة مخرجات التعليم في الكويت مع متطلبات العمل عن طريق وضع الاسس والمعايير للطلبة الدارسين بحيث توجه الدولة سياسة المخرجات مع ما يحتاجه البلد من تخصصات لتخدم سياسة الاحلال السابقة والتقليل من التخصصات غير الضرورية او المهمة لظروف البلد الحالية ويمكن استعمال طرق مختلفة في ذلك عن طريق الفرز بين الدارسين لمن يتبع خطة الدولة للحاجة لبعض التخصصات واعطاؤهم الميزة المفضلة في المزايا والتعيين، اما الدارسون الذين لا يتبعون خطط الدولة في حاجة للتخصصات المعينة والمطلوبة وليس لهم اي ميزة بل يتحملون ما اختاروه من تخصصات لا تحتاجها الدولة.
ثالثا: عمل جلسات مع القطاع الخاص لوضع خطط واضحة لاستيعاب مخرجات التعليم مبنية على العدالة في التعامل مع خطط الخاص المبني على الربحية والاستقلالية وهذا التعاون بين الدولة والقطاع الخاص يبنى على أسس علمية وفنية ويدار من جهة رقابية لانجاح هذه السياسة بكل جدية وشفافية حتى يتم الدعم للقطاع الخاص على أسس من ينجح في تطبيق هذه الاسس المنشودة للاقتصاد الوطني عن طريق الخصخصة وهي من اهم الاسس لتخلي الدولة عن كثير من القطاعات المكلفة وغير الرشيدة في ادارتها ومنها على سبيل المثال قطاع الكهرباء وهذا القطاع في كل الدول خصص تقريبا الا في الكويت؟ لماذا؟ وهذا القطاع سيدار بسهولة واحتراف من قبل القطاع الخاص الجاد والواضح الرؤية في المشاركة في ادارة قطاع الكهرباء، وخدمات التعليم وقطاع الصحة يتم تخصيصهما على مراحل مدروسة تماشيا مع خطط الدولة لمستقبل العمالة الكويتية ومخرجات التعليم المدروس.
وهناك كثير من الاعمال الحكومية ممكن خصخصتها في مراحل مختلفة مع وضوح الخطط والرؤية لمستقبل هذا البلد.
وفي النهاية إن البطالة المقنعة في الكويت تحمل مخاطر فشل الجهات الحكومية في حلها ما يسبب في المستقبل مشاكل مالية في الرواتب ومشاكل في الانتاجية واحباطا للجادين في العمل لتأثير البطالة المقنعة فيهم.
لذلك يجب التسريع في وضع الخطط المشار اليها في هذه المقالة حتى لا نقع في المحظور في المستقبل القريب راجيا ان تكون معالجة البطالة المقنعة من ضمن خطط الحكومة في التنمية الموعودة والله المستعان.