الديموقراطية والضريبة متلازمتان

إن الدول الديموقراطية الناجحة تعتمد على الضريبة في ميزانياتها وهي المورد الطبيعي لدخول تلك الدول للصرف على مشاريع التنمية وجميع الخدمات العامة ولها دور بارز في توجيه النشاطات الاقتصادية في المجتمعات وهي من اهم مصادر موارد الدول، واستقطاع الضريبة له انعكاسات ونتائج على الاستهلاك والادخار والانتاج والاستثمار واصبح للضريبة مفهوم عصري يقوم على انها احدى الوسائل المالية التي تتيح للدول التدخل في النشاطات الاقتصادية والانتاجية وتوجيه تلك النشاطات الوجهة الصحيحة لصالح تلك الانشطة في الاقتصاد الوطني. وهي اداة فعالة في تنفيذ السياسات المالية والاجتماعية والتدخل في آلية السوق فهي تعدل مخصصات التدخل ومصادره وتؤثر في اسعار المواد ومحتويات الانتاج وفي توزيع النشاطات الاقتصادية حسب الحاجة والتوزيع الجغرافي. ومن محاسن الضريبة في البلدان المتقدمة ما يؤثر في مجال المشاريع الصناعية الجديدة عن طريق الاعفاءات التي تقدمها الدول لبعض المشاريع او عن طريق اتباع سياسات الاستهلاك المناسبة، كما ينعكس ذلك على الاداء الاجتماعي في اعادة توزيع الدخل القومي بين افراد المجتمع، كل حسب معدلات دخله، ومن تلك الاهداف المهمة للضريبة في استخدامها لمعالجة الركود الاقتصادي عن طريق معالجة فترات الركود والانكماش للدورات الاقتصادية، وتخفيض معدلات الضرائب غير المباشرة واهمها المتعلقة بالحاجات الاساسية للمواطنين.
ان دور الضريبة في فترة الازدهار والرخاء مهم في استخدامها كوسيلة اقتصادية عن طريق رفع الضرائب على الدخول وتخفيض الضرائب على رأس المال لتحفيز المشاريع الانتاجية من اجل زيادة الانتاج وخفض الاسعار وتحسن السياسة الاقتصادية الشاملة للدولة. كذلك فهي أداة فعالة في عدم تمركز المشاريع الاقتصادية عن طريق فرض ضرائب خاصة في الاندماج للشركات التي تتجه نحو تمركز وفرض السلع المنتجة وبالتالي توازن تلك النشاطات واخيراً لتشجيع الاستثمار والادخار عن طريق الاعفاء على السندات العامة من الضريبة لتشجيع شرائها او تخفيضها على الودائع في صناديق الادخار او اي استثمار مالي يقوي الاقتصاد الوطني. هذه مقدمة مهمة لدور الضريبة في المجتمعات الديموقراطية وشفافيتها في دعم الاقتصاد الوطني وانعكاسه على المجتمع وتطوره. واخيرا دورها الرقابي المهم على حسابات الافراد الشركات الصارم والذي يكشف اي تلاعب اوفساد في تلك الحسابات.
وهنا يحقق الرقابة الشعبيه المباشرة من دافعي الضريبة على اموالهم المخصومة من حساباتهم دوريا. اما الدول التي ليس بها ضريبة واعتمادها في ميزانيتها على النفط كما هي الكويت في الصرف على خدمات الدولة وميزانياتها وهو يعتبر الدخل الوحيد للدولة وهذا الدخل لا يحقق سياسات الدولة والتحكم في مفردات الاقتصاد. ولايحسس الافراد والشركات بانها امواله ومخصومة من حساباتهم.
لذلك ديموقراطية الضريبة غير ديموقراطية النفط لذلك على الدولة ان تفكر وبسرعة في ايجاد البدائل للدخل غير النفط لصالح ديموقراطيتها غير الناجحة كما هو موجود في الديموقراطيات الضريبية الناجحة من اجل هذا البلد الطيب. والله المستعان.

Previous Post
بس سياسة
Next Post
الهدر في ميزانيات الدولة مستمر!
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300