السوق المالي والأخطاء الفاحشة

ان الاسواق المالية ما هي الا مرآة عاكسة لجميع اقتصادات اي دولة، ومن خلالها نستطيع ان نحكم على توافر فرص الاستثمار في ظل القيود التشريعية والتي تحكم النزاهة والحيادية في استقلال الاسواق المالية، وهي محطات لتطورات اقتصادية استوجبت نشأة هذه الاسواق من اجل تيسير وتطوير المعاملات الاقتصادية والمالية، وتأسست الاسواق المالية نتيجة للتطور الحاصل في الاقتصاد من حيث زيادة الانتاج والتخصيص في الاعمال وتجميع المدخرات الوطنية وتوجيهها نحو الاستثمار في المؤسسات الناجحة لدعم التنمية للاقتصاد الوطني، لذلك كان للجانب التشريعي الذي يعد احد الجوانب الضرورية لقيام سوق مالي ابتداء من انشاء السوق المالي او التعليمات المنظمة للتعامل في السوق، كذلك يعتمد على الجانب التشريعي للمنظمة لانشاء الشركات والرقابة على النقد وتشجيع الاستثمارات في المناطق الحرة وقوانين الضرائب والجمارك والقوانين المنظمة لمهنة المحاسبة والتدقيق وقوانين التجارة والقوانين العائدة لكل قطاع اقتصادي، وهذا الاطار التشريعي يعكس الفلسفة الاقتصادية التي يتبناها المجتمع وهي ضرورية لقيام سوق مالي ناجح وتأهيل الدولة لتكون مركزا ماليا وتجاريا في اي منطقة من العالم. فماذا لدينا نحن في الكويت؟ الكويت دولة غنية تملك احتياطيات كبيرة وتقوم الدولة بالصرف على معظم الخدمات العامة بالدعم او بدون مقابل، والدولة تملك وتدير معظم المؤسسات العامة وهي ملتزمة امام المواطنين بتوفير السكن والوظيفة المناسبة، ومع تضخم المجتمع وزيادة الطلبات السكنية والتعيين العشوائي للمواطنين في معظم اجهزة الدولة ما خلق بطالة مقنعة وتضخماً وظيفياً الذي خلق تردياً في الخدمات وسوء الادارة الحكومية والسلق في القوانين العامة وخاصة الاقتصادية منها، لذلك فبالنظر الى القوانين التي تنظم العملية الاقتصادية والسوق المالي نرى ان من أهم القوانين التي تراقب السوق المالي قانون هيئة اسواق المال فهو خلق بطريقة عجيبة ولايتماشى مع قوانين الهيئات الرقابية العالمية «iOSCO» حيث تشترط وجود ميزانية سنوية مستقلة للهيئة ومستمرة لتحقيق استقرارها واستمراريتها في عملها مع استقلالها قانونيا بل ان قانونها حملها اكثر مما تحتمل من حيث انها تملك سوق الاوراق المالية وهي مسؤولة عن تخصيصه وهي تملك في المقاصة عن طريق ملكيتها في السوق مما خلق حالة عجيبة غير موجودة في الهيئات الرقابية في العالم من حيث اعطائها عملا تجاريا يتعارض مع قانونها في المادة «24» التي تمنع العمل التجاري للهيئة، فقوانين السوق المالي الكويتي متناقضة وفيها تعارض مصالح كما هي الحالة بين السوق والمقاصة فالسوق يدار عن طريق القطاع الخاص من خلال لجنته المعنية والمقاصة مملوكة للقطاع الخاص وهناك ثلاثة اعضاء من لجنة السوق اعضاء في المقاصة ومنهم رئيس المقاصة او محسوب عليهم فهم يجاملون بعضهم لمصالح شخصية ضيقة على حساب السوق وتقدمه ما خلق مشاكل بين السوق والمقاصة في كثير من الامور والتي عملت على تعطل السوق وتنميته الى الاحسن، وهناك كثير من القوانين التي تعطل السوق المالي الكويتي مثل «BOT» غير القابل للتطبيق وتشجيع المستثمرين للدخول في قوانين المنطقة الحرة وهي غير حرة وهي تعتبر منطقة تجارية عادية وليس لها من الحرة الا اسمها، ومعظم القوانين الاقتصادية والمالية لا تخدم اساس انشائها والمستفيدون منها لتطوير السوق المالي.
لذلك فنحن في الكويت نعيش في عالم آخر عن باقي الاسواق في العالم ولا نتبع الاسس الفنية والشفافية في خلق القوانين الاقتصادية والمالية وهذا يتماشى مع مستوى الادارة المتردي والمتضخم والسيئ وهذا كله وضع الكويت في مرحلة بعيدة عن تحقيق السوق المالي المطلوب ومازلنا مستمرين في ذلك في حالة من المجاملات وتراكم الاخطاء بدون وعي للمستقبل الاقتصادي والمالي لهذا البلد الطيب.
والله المستعان.

Previous Post
الدولة والمجتمع في سباق أهل الكهف
Next Post
مجلس الأمة وقانون هيئة سوق المال
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300