السيف: «خصخصة البورصة».. كارثة

أكد مدير عام البورصة السابق حامد السيف أن قانون خصخصة سوق الكويت للأوراق المالية يعد كارثة على الكويت وعلى القطاع الخاص، وسيؤدي إلى ضياع وتدهور السوق مستقبلا ما لم يتم تعديله، مشيرا إلى أن «الخراب» في القانون رقم 7 لسنة 2010 يتمثل في أربع مواد غير طبيعية، تمت صياغتها بطريقة غريبة تخالف جميع الأعراف الاقتصادية والمالية والاستثمارية، وتخلو وتخالف مبدأ الشفافية، وطالب السيف في حديثه لـ»الكويتية» مجلس الأمة والحكومة بتعديل مواد القانون، من خلال وضع ميزانية مستقلة وربطها بميزانية الدولة كباقي الهيئات الرقابية في الدولة، وبإيجاد مستثمر إستراتيجي وسهم ذهبي للدولة كما هو موجود في أسواق العالم، وإرجاع المبنى إلى السوق، وكذلك إرجاع الأموال المأخوذة من أموال السوق وإعادتها إلى وزارة المالية كأموال عامة، ووضع ميزانية خاصة للهيئة.
وأشار إلى أنه في حال عدم تعديل مواد القانون، ستكون البورصة دون أموال ودون مبنى وموظفين وستباع كرخصة، ومن سيقوم بشرائها سيشتريها «ببلاش»، وكل ذلك تحقيقا لمصالح ضيقة للبعض وليس لصالح البلد.
وفيما يلي نص اللقاء مع مدير عام البورصة السابق حامد السيف:

• كيف ترى الاقتصاد المحلي؟

-أعتقد أن من أهم الأمور التي تمر بها الكويت قضية عدم وجود هوية اقتصادية للبلد، الأمر الذي أصاب الشعب بحالة من الضياع، وأصبح لا يدري أي اتجاه يتجه له، ما يدفعنا للسؤال هل نحن بلد اشتراكي أو رأسمالي؟! لنصل إلى حقيقة أن الكويت بلد اشتراكي أكثر من الدول الاشتراكية ذاتها، في ظل امتلاك الحكومة لما يفوق 80 بالمئة من المؤسسات والخدمات، وبالتالي القطاع الخاص ليس له أي دور في التنمية سوى أنه «مقاول»، وهذا من أخطر الأمور التي نواجهها، فالدول المتقدمة بُنيت على القطاع الخاص، الذي يُعد شريكا في التنمية، وكأن دور الدولة يقتصر على الرقابة، أما الخدمات والتنمية فهي في يد القطاع الخاص المنظم، الذي يعمل وفقا لأصول فنية عالية، وسيأتي يوم سيكون موقف الحكومة في غاية الصعوبة، وبذلك كان من المفترض أن تقوم الدولة بوضع إستراتيجية جديدة للتنمية لتحديد هويتها الاقتصادية، التي تعد الركيزة الأساسية لبناء القوانين والتشريعات، ولدينا إدارات حكومية تعتبر فاشلة، حيث نجد إنتاجية الفرد اليوم في الكويت بحسب الإحصائيات والتقارير تصل إلى 22 دقيقة في اليوم، وهو رقم متدن جدا، إلى جانب عدم وجود أي التزامات على المواطن، دائما هناك طلبات أكثر من اللزوم، مع غياب أي عطاء للبلد، بالتالي نحن نمر بمطب تاريخي يجب إصلاحه إذا كنا نطمح لبناء دولة مدنية مستدامة.

وأوضح السيف أنه يجب أن نضع الأسس لهذه الدولة، أما إذا تم البناء على التنظيمات الموجودة واستمرار الوضع الغريب، حيث الدولة تعتمد على المحاصصة وإرضاء الكتل المختلفة في الدولة، من حيث أن الأولوية لهم سواء كانوا كتلا تجارية أو دينية أو سياسية أو قبلية، لن نصل إلى شيء بل سنصل إلى وضع خطير مستقبلا.

• كيف ترى استمرار الصراع بين السلطتين؟

-الصراع أصبح مزمنا، أولا لأن الحكومة لا تقوم بتعيين الوزراء المتخصصين، الذين لديهم القدرة على مواجهة مجلس الأمة، بل يتم اختيار وزراء على أسس المحاصصة والانتماء للأحزاب الدينية أو الكتل السياسية أو القبلية، بالتالي لا يستطيعون الوقوف أمام المجلس، إلى جانب أن الحكومة لديها «مقاضيب» عديدة يستطيع مجلس الأمة أن يستغلها.

بالتالي الحل يتمثل في اتفاق الحكومة والمجلس الجديدين على النظر للمستقبل، ويتم فصلهم عن أخطاء نظرائهم في الماضي، ويتم محاسبتهم على المستقبل، على أن يتم تشكيل لجان متخصصة للنظر في القضايا والأخطاء القديمة لفك الترابط فيما بينهم.

• هل ترى أن الخصخصة هي الحل مع تضخم المشاكل الاقتصادية؟

-الخصخصة أهم من التنمية، وأعتقد أنه يجب وقف برنامج التنمية القائم على بناء مدن ومستشفيات جديدة، لأن ذلك سيجلب عمالة جديدة كثيرة، وستتكبد الحكومة وحدها ضعف المصاريف الحالية، فإذا كانت الحكومة الحالية ليست قادرة فما بالنا بالمستقبل؟!

يجب أن نفسح المجال للقطاع الخاص، يجب أن يقود ويتولى التنمية، والتنمية تبدأ بخصخصة كل ما هو موجود الآن، وعلى مستوى كافة القطاعات كالتعليم والصحة والخدمات.

وأعرب السيف عن اعتقاده أنه يجب أن تتم الخصخصة بالأسلوب الصحيح، عن طريق مستثمر إستراتيجي ورقابي ويكون هناك سهم ذهبي للدولة، مشيراً إلى أن الدولة في التخصيص ستحصل على أموال طائلة وستتخلص من أعباء عديدة تثقل كاهلها، وستكتفي بالدور الرقابي فقط، بالتالي لابد من دخول القطاع الخاص في التنمية عن طريق الخصخصة، وأن تقوم الدولة بدعمه بأي طريقة كانت، سواء تسهيلات أو البنوك وبطرق فنية عالية الجودة، ومن ثم نفتح المجال للمستثمر الأجنبي والشركات العالمية كذلك.

• ما ملاحظاتك على قانون خصخصة البورصة؟

-قانون خصخصة البورصة يعتبر كارثة على الكويت، وكارثة على القطاع الخاص لأنه سوف يدار حسب القانون من دون مستثمر استراتيجي، وغياب الدولة في دعمه ورقابته، وسوف يؤدي ذلك إلى ضياع وتدهور السوق.

الخراب في قانون هيئة سوق المال رقم 7 لسنة 2010 يتمثل في أربع مواد غير طبيعية تمت صياغتها بطريقة غريبة تخالف جميع الأعراف الاقتصادية والمالية والاستثمارية، وتخالف مبدأ الشفافية تتمثل في: أول مادة هي 19 المتعلقة بالميزانية، فلم أر في العالم هيئة رقابية ليس لها ميزانية من الدولة، ولا تخضع لرقابة ديوان المحاسبة، بالتالي هذه بدعة جديدة اخترعها القطاع الخاص للسيطرة على الرقابة، فجميع الهيئات الرقابية في العالم تدار من الدولة وباستقلالية كاملة، وتكون لها ميزانية مربوطة بالدولة وتراقب من ديوان المحاسبة إلا هنا في الكويت، لماذا؟ لذلك يجب على أعضاء مجلس الأمة والحكومة أن يضعوا الأمور في نصابها، وتعديل المادة ووضع ميزانية مستقلة وربطها بميزانية الدولة كباقي الهيئات الرقابية في الدولة مثل البنك المركزي وديوان المحاسبة، وذلك حماية لاستقلال واستقرار مالية الهيئة.

والمادة الثانية هي مادة 33 التي تعد من أخطر المواد وتتعارض مع المادة 24 التي تمنع الهيئة من العمل التجاري في تأسيس شركة للبورصة، لذلك حاولت الهيئة إيجاد مخارج مختلفة لتأسيس تلك الشركة وتبين أنها باءت بالفشل، فليس أمامهم إلا الذهاب إلى مجلس الأمة لتعديله وتطبيق مبادئ قانون 37 لسنة 2010 من حيث إيجاد مستثمر استراتيجي وسهم ذهبي للدولة، كما هو موجود في أسواق العالم، وإلغاء المادة 33 من القانون، ونحذر الهيئة من استعمال مرسوم ضرورة في تعديل المادة 24 بالسماح للهيئة بالعمل التجاري، وهذا يتعارض مع كل مبادئ وأعراف الهيئات الرقابية في العالم، والعمل على تحويل موضوع خصخصة السوق بكامله إلى هيئة الاستثمار للاقتصاد.

المادة الثالثة هي 156 من القانون التي تنص على أن كل أموال السوق تذهب لهيئة أسواق المال تعتبر كارثة، فكيف تعطى هيئة رقابية ما يفوق 220 مليون دينار عن طريق هذه المادة المشؤومة وغير الدستورية، مع عدم وجود رقابة على الهيئة من قبل ديوان المحاسبة للرقابة على الأموال العامة؟!! دستوريا لا يجوز مثل هذا، لذلك يجب إلغاء تلك المادة من القانون وإرجاع المبنى إلى السوق لأهميته، فهو الواجهة المهمة للسوق أمام العالم، وكذلك إرجاع الأموال المأخوذة من أموال السوق وإعادتها إلى وزارة المالية كأموال عامة، ووضع ميزانية خاصة للهيئة والسوق كما هو موجود في العالم.

المادة 157 من القانون التي جردت السوق من موظفيه وحولتهم إلى الهيئة مما خلق حالة من الضياع، وأصبحوا في وضع غير عادل لا هم تابعون للهيئة ولا للسوق، ولم يتم وضع حلول لمشكلاتهم، لذلك يجب تطبيق قانون 37 لسنة 2010 على موظفي السوق بدلا من وضعهم الحالي، الملخص أن البورصة ستباع دون أموال ودون مبنى وموظفين، أي ستباع كرخصة ومن سيقوم بشرائها سيشتريها «ببلاش»، وكل ذلك تبعا لمصالح ضيقة ليست في صالح البلد، حتى التقاص فيه مشكلة كبيرة، فالمقاصة ليس عليها رقابة وليس لها ميزانية من الدولة ومفصولة عن السوق، وفي العالم أجمع يسمونها غرفة التقاص بالبورصة، ولا يجوز أن تتم إدارتها من قبل شركات استثمار، وجميع أعضاء رؤساء مجالس إدارات الشركات أعضاء في لجنة التقاص، أي أنهم يطلعون على أسرار السوق والتداول، في حين أنهم يقومون بإدارة الأموال صباحا، وهذا يمثل تضارب مصالح، بالتالي لماذا يستمر الوضع على ما هو عليه؟!

• هل هناك أي تغير على أداء البورصة بعد تطبيق نظام التداول الجديد؟

-النظام الجديد خاطئ لأن كل الأسواق العالمية عندما تتفق على نظام يكون بشكل كامل «باكج»، وقد تم الاتفاق على طريقة تختلف تماما عما اتفقت عليه الأسواق، حيث يتم الاتفاق على برنامج متكامل يشمل السوق والمقاصة والوسطاء في التدريب والتطبيق والإدارة لفترة زمنية تحت مسؤولية الشركة في إنجاح المشروع في التكامل بين الجهات المذكورة من سوق وتقاص ووسطاء وإدارة المشروع، حتى تسليمه بعد نجاحه وانسحاب الشركة الأجنبية منه في فترة زمنية مريحة وكاملة التنفيذ وتحت مسؤوليتها، وقامت لجنة السوق بشراء نظام برامج تداول ورقابة فقط مع اتفاقية تعاون بين السوق والشركة من دون أي مسؤولية على «ناسداك» أو «إم إكس» في نجاح أو فشل المشروع، حيث تقع مسؤوليتها على تدريب موظفي السوق فقط على البرنامج من دون دخول موظفي المقاصة والوسطاء في عمل تدريبي متكامل، إلا أن ما حصل في النهاية للمشروع على برنامج التداول وبرنامج الرقابة إلى أن تنتهي اتفاقية التعاون مع الشركة، وفعلا انتهت الاتفاقية في العام الماضي، هذا النظام لن يمر بسلام في السوق الكويتي، وذلك يعود إلى مصالح شخصية للبعض استغلوا الوضع وقاموا بعمل هذا الاتفاق بشكل يختلف عن العالم وأنفقت الملايين هباءً.

• هل قامت هيئة أسواق المال بتصحيح مسار التداولات؟

-عندما كنت مديرا للبورصة قدمت لهيئة أسواق المال خطة متكاملة لتنظيم عمل السوق وتنظيفه وإخراج الشركات غير الجيدة، وإنشاء سوق أول وثان وثالث ورابع والعديد من الاقتراحات، وجاءني الجواب في سطرين «لا نوافق على الخطة ولا على تطوير الأدوات الاستثمارية»! وعندما سألت لماذا الرفض أجابوا بأن الشركة الجديدة هي التي ستطور وتعدل، وكان الأمر بالنسبة لي مفاجئا فكيف سيتم بيع السوق على حاله، ومن المفترض أن يتم تعديل السوق وليس بيعه محطما «فالعروس عندما تتزوج يزينونها»، بالتالي الهيئة أخطأت في إهمال السوق من جميع النواحي، سواء من ناحية ضمان حقوق الموظفين أو تطوير الأدوات الاستثمارية، ونظام ناسداك نظام فاشل وهم يدركون ذلك، وكان من المفترض أن تقوم المقاصة بفصل الكاش عن العمليات الورقية للأسهم، ويذهب بشكل مباشر للبنوك وتذهب الفوائد للمتداولين وليس لشركة المقاصة، وهذا جزء كبير من الفساد الموجود بأن تؤخذ أموال المساهمين لحساب المقاصة بأي حق؟! بالتالي الوضع ككل غير طبيعي.

المقاصة بلا رقابة
قال السيف إن المقاصة ليست عليها رقابة وليست لها ميزانية من الدولة ومفصولة عن السوق، وفي العالم أجمع يسمونها غرفة التقاص بالبورصة، ولا يجوز أن تتم إدارتها من قبل شركات استثمار، تطلع على أسرار السوق والتداول، في حين أنهم يقومون بإدارة الأموال صباحا، وهذا يمثل تضارب مصالح.

شركة عالمية
لدى سؤال السيف عمن لديه القدرة على المنافسة للحصول على حصة الشركات لإدارة شركة البورصة مستقبلا؟ أجاب بأنه يجب أن تتم إدارة السوق من قبل شركة عالمية متخصصة في إدارة الأسواق، وليس شركات استثمارية مدرجة في السوق تملك وتدير، منعا لتضارب مصالح، وامتنع عن ذكر أسماء بعينها.

Previous Post
حلم.. من يحققه للمواطن؟
Next Post
التوازن بين الحقوق والواجبات للمواطن
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300