الشراكة بين القطاعين الخاص والعام في التنمية

المادة «20» من الدستور تقول الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الإنتاج الخاص. ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين وذلك كله في حدود القانون. هذا ما بناه وتمناه المؤسسون من أجل مستقبل البلد. ورغم وضوح تلك المادة إلا أنها لم تطبق إلا هذا اليوم مع ان هناك إرادة دولية لتوسيع دائرة مشاركة القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية ودفعه لأن يكون شريكاً حقيقياً في خطط الحكومات التنموية، وهناك مؤتمرات دولية لبدء حوار شامل وشفاف بين صناع القرار في المنظمات والهيئات الحكومية وبين مؤسسات ومنظمات القطاع الخاص وتبادل الرأي حول حاجات القطاع الخاص فيما يخص الأنظمة والدعم ليكون قادراً على مجابهة التحديات التي تحيط بدول الشرق الأوسط وافريقيا وان معظم تقارير البنك الدولي بهذا الخصوص تشير إلى حاجات القطاع الخاص فيما خص الأنظمة والدعم ليكون قادرا على توفير 40 مليون فرصة عمل خلال السنين العشر المقبلة مع تزايد نسبة الشباب في التركيبة السكانية والحاجة المستمرة إلى فرص عمل لتنفيذ خطط التوسعة والنمو والحاجة إلى وضع سياسات اقتصادية محفزة للنمو الذي يقوده القطاع الخاص في القطاعات المختلفة.
ان دور القطاع الخاص في الاحلال محل الحكومات في تملك وإدارة معظم القطاعات الاقتصادية والخدمية في الشرق الأوسط وافريقيا صار ضرورة ملحة وليس هناك طريق آخر لذلك لأن الحكومات اذا ما استمرت في احتكار السيطرة على معظم شؤون الاقتصاد والخدمات فسوف تصل إلى مرحلة صعبة تجعلها غير قادرة على إدارة أو تحمل كلفة ذلك بدون المشاركة وتحميل القطاع الخاص معظم تلك المسؤوليات المستقبلية من تنمية وتوفير فرص عمل لمخرجات التعليم.
هذا هو هاجس معظم اللقاءات والمؤتمرات الدولية لحث الدول على التحول المهم في مشاركة القطاع الخاص في التنمية على أسس علمية وفنية كما هو موجود في تجارب الدول المتقدمة والتي يدير معظم اقتصادياتها وخدماتها القطاع الخاص، والدولة دورها يتوقف عند الأعمال السيادية والرقابة الصارمة والشفافية في تطبيق القانون، فماذا لدينا في الكويت؟
في الكويت تدير الدولة الاقتصاد ومعظم الخدمات وهي معتمدة على الدخل الوحيد من النفط وحتى خطة التنمية المتخبطة ليس للقطاع الخاص أي دور في المشاركة بالملكية أو الادارة بل فقط يقوم وبشكل جزئي كمقاول ووكيل عن الشركات العالمية، ويأخذ نسبة العمولة ويخرج وليس له أي دور في خطة التنمية، لذلك كان على الدولة ان تبدأ بالعمل الجاد والجلوس مع القطاع الخاص ووضع الخطط المستقبلية الجادة في الشراكة الحقيقية في الملكية والادارة مع القطاع الخاص لتحميل الكلفة المستقبلية وتوفير فرص العمل لقطاع الشباب الذي يعاني، وستزداد المعاناة في المستقبل اذا تحملت الحكومة خطة التنمية وحدها.
ان الحكمة تكمن في التفكير العقلاني والعلمي للدولة للبدء بذلك الحوار الجاد مع القطاع الخاص للمشاركة الحقيقية في التنمية والا فسوف تواجه الدولة المشاكل الخطيرة المتوقعة في المستقبل. ان العالم اليوم ليس له طريق إلا التوجه إلى القطاع الخاص وفتح البلد ودعم الحرية الاقتصادية للوصول إلى الحالة المطلوبة التي تواجه احتياجات المستقبل الثقيلة، ان هذا الطلب صار مهماً وملحاً لما فيه خير هذا البلد الطيب. والله المستعان.

Previous Post
أفكار للإصلاح بناء على طلب الحكومة
Next Post
بلدي الجريح… من ينقذه؟
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300