الصرف الحكومي غير المنظم يعوق التنمية

إن الوضع الطبيعي للدول منذ إنشاء الخليقة أن ان تعتمد الدولة في ادارة البلاد على فرض ضرائب مختلفة لخلق وعاء مالي لصرفه في ادارة الخدمات والمنشآت الحكومية، وهذا خلق التوازن بين الدولة والمواطنين من حيث انهم يدفعون هذه الضرائب من أموالهم الخاصة، وبالتالي هناك نزعة رقابية شعبية على أموالهم التي تستخدمها الدولة في الصرف على الشؤون العامة، وهذا خلق النظام الديمقراطي الحقيقي من حيث ان يكون هناك ممثلين للمواطنين في المجالس العامة خدمة لترشيد الانفاق وتوجيهه الى التنمية الحقيقية لخلق الدولة الحقيقية المستدامة، وهذه التركيبة الطبيعية للمجتمع خلقت الشفافية في تعامل الدولة مع المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص حسب قدرات المواطنين وخبراتهم والحث على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
هذه مقدمة عن الوضع الطبيعي للدول تاريخياً، فماذا لدينا نحن في الكويت؟ كانت الكويت قبل النفط تعيش الوضع الطبيعي للدول من حيث ان المواطنين، وخاصة التجار، يدفعون الضريبة للصرف على خدمات وأعمال الدولة وكان هذا الوضع الطبيعي في تلك الفترة، ما خلق الجدية في العمل، وصارت الكويت تملك من سفن التجارة في نقل البضائع بين الدول المختلفة وكلها بسواعد كويتية وإصرار على خلق الدولة والحياة الكريمة مع كل الظروف الصعبة في إمكانيات الدولة من الناحية المالية، ولكن تحملوا كل تلك الظروف بكل رجولة واصرار على الحياة مع شظف العيش ولكن وبعد بداية عهد النفط تغيرت الحياة وصارت الدولة تصرف على الخدمات وأعمال الدولة من المدخول النفطي، وبدأت عملية الدولة الحديثة وكان الكل مشاركاً في عملية التنمية، وبدأ التعليم والخدمات الصحية المجانية وتوفير السكن والوظيفة لكل مواطن، وكانت فترة رواج وبناء واستمر الحال على هذا المنوال بدون وضع رؤية مستقبلية واضحة وسيطرة الدولة على معظم الخدمات والمؤسسات وتضخم المجتمع، وتغيرت التركيبة السكانية وزادت مصاريف الدولة، من رواتب ودعم لكثير من السلع والخدمات حتى وصلنا الى الاختناق المتوقع لميزانية الدولة وما زالت الدولة تسير على النهج نفسه. الخطر المتوقع للعجز القادم من دون التفكير في خلق بدائل للدخل غير النفطي غير المستقر وغير المضمون للمستقبل وصارت الدولة تغطي على مشاكلها وفشلها بمزيد من الصرف لإرضاء الوضع السياسي على حساب الاقتصاد والتنمية.
فماذا نحن عاملون؟ انه وضع صعب ويجب ان يكون عامل الاصلاح في الخلل الاقتصادي من أولويات الدولة وإلا مواجهة المخاطر المتوقعة والمدعومة بالتقارير الدولية والمحلية الموثوقة. لذلك ومع تأخر عملية الاصلاح والفشل في محاربة الفساد والهدر في الأموال العامة بطرق غير منتجة ومفيدة لاستيعاب الأجيال القادمة في ايجاد الوظائف الملائمة لها من دون خلق البطالة المقنعة وزيادتها ومن دون العمل على وضع حد لتلك السياسات وسيطرة الأمور السياسية على الأمور الاقتصادية ووضع الاقتصاد والتنمية الحقيقية في أولوياتها، ان طرق الحل واضحة ومعروفة والدولة تعرفها، ولكن تصر على اللعبة السياسية وكل ذلك بسبب الوفرة المالية التي تغطي مشاكلها، وهذه الوفرة المالية يجب ان تنظم بطرق علمية وفنية مدروسة من دون محاباة لأحد حتى يتحقق أمل الوطن والمواطنين في السير في تنمية هذا البلد الى الطريق الصحيح المطلوب لما فيه خير ومصلحة هذا البلد الطيب.
والله المستعان.

Previous Post
حكوماتنا حكومات تصريف أعمال
Next Post
نظامنا الديمقراطي في الميزان
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300