الطبقة الوسطى والاستقرار الاقتصادي
إن أهمية الطبقة الوسطى في أي مجتمع من المجتمعات تكمن في كونها تشكل صمام أمان، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو حتى الأمني، فكلما اتسعت هذه الطبقة قلت الطبقة الغنية وتقلصت الطبقة الفقيرة والعكس هو الصحيح، فإن تقلص الطبقة المتوسطة سيزيد من الطبقة الغنية ويوسع حجم الطبقة الفقيرة وهذه معادلة مهمة لأي مجتمع في تحقيق الخطط والبرامج الاقتصادية في دعم وتكبير حجم الطبقة الوسطى.
ونحن في الكويت ومنذ تدفق النفط عملت الدولة على استعمال طرق كثيرة في توزيع الثروة عن طريق الاستملاكات للعقارات الخاصة بأسعار مجزية او عن طريق التوسع في الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية المجانية، كما كان التوسع في دعم السلع من بنزين وكهرباء وماء وبعض المواد الغذائية وخصوصا اذا لم يكن هناك اي ضرائب من الدولة على المواطن، وضمان السكن ومنحة ميسرة للزواج فكل هذه الميزات المذكورة اعلاه خلقت طبقة متوسطة واسعة لا يوجد مثلها في العالم وحتى مقارنة بدول الخليج، وهذا الوضع جعل المواطن الكويتي في ميزة يحسد عليها من كثير من مواطني الدول الاخرى.
ومن هنا ومع كل هذه الميزات لم يجد المواطن من الدولة الخطط الاقتصادية لتنمية فوائض هذه الطبقة وجعلها منتجة وتشارك في تنمية اقتصاد البلد، بل جعلته يتجه الى المضاربة في المتاح من الاستثمارات في الدولة، فلم يجد غير المضاربة في الاسهم والعقار والتوسع في الرهونات البنكية لزيادة المضاربة في حجم امواله وهذا كله جيد في وقت انتعاش الاقتصاد ولكن ماذا حصل بعد الانكماش الاقتصادي وانهيار قيم الاصول؟
إن هذه الحالة جعلت الطبقة الوسطى في ورطة حقيقية حيث انها فقدت بعض او كل موجوداتها وحتى ان البعض صار مطلوبا للبنوك من حيث قصور رهوناته عن تغطية حجم قروضه التي ضارب بها في الاسهم أو العقارات فلماذا حصل ذلك؟
إن المتتبع للوضع الاقتصادي في الدولة يرى ان هناك ضعفا في الادارة الاقتصادية لمواكبة تطور الاقتصاد الكويتي من حيث توجيه الافراد الى الاقتصاد المنتج الذي يحقق التنمية المستدامة المطلوبة وهذا الضعف مرتبط بعدم وجود جهة اقتصادية مركزية لمواكبة الظروف الاقتصادية المتغيرة، مما جعل كل جهة لها علاقة بالاقتصاد تفكر وكأنها في جزيرة منعزلة وتخرج القرارات احيانا متضاربة او غير مدروسة.
اذن فما المطلوب لتوسعة قاعدة الطبقة الوسطى وجعلها تقود التنمية كما حصل في معظم الاقتصادات المتقدمة في بداية انطلاقها للقوة الاقتصادية الحقيقية؟
إن المطلوب برامج حقيقية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وادخال فوائض هذه الطبقة في الاستثمار الحقيقي الذي ينتج ويضيف فوائد للاقتصاد الوطني ويحقق الطريق السليم لهذا البلد الطيب.
والله المستعان.