الكويت بلا هوية اقتصادية والتدخل السياسي يهمش الكفاءات الوطنية السيف لـ «النهار»: مفسدون أدخلوا الاقتصاد في «فوضى منظمة»

الاقتصاد الكويتي يعيش حالة من الفوضى المنظمة ابتدعها مفسدون ويعملون على استمرارها، وسط تهميش للكفاءات الوطنية، وهى حالة فرضها دخول السياسة ضلعا رئيسيا في مثلث الاقتصاد، فأصبح من الصعب تقوية أركانه، أو على الأقل تدعيمه ضد الأزمات المتلاحقة التي تعصف باقتصادات العالم بين الحين والآخر، وبجملة معبرة عما سبق كثيرة هي الهموم التي يحملها الاقتصاد الوطني بدأ مدير عام البورصة السابق حامد السيف حواره مع النهار.
السيف بدا في حواره حزينا لما آلت اليه الأوضاع الاقتصادية في البلاد، ملخصا متابعاته لمجريات الأحداث الاقتصادية بجملة كلُ يغني على ليلاه، مشيرا الى ان طغيان المصالح الشخصية على العامة جعل من المستحيل التنبؤ بمستقبل الاقتصاد.
وتحدث السيف عن تجربته في ادارة البورصة قائلا حاولت الاصلاح لكنني اصطدمت بجبال من المعوقات، أبرزها محاولة بعض المتنفذين اقحام رؤوسهم في السوق وتسييره وفقا لأهوائهم، مضيفا : عندما قاومت وأصررت على تعديل المسارات الخاطئة فوجئت بوابل من الانتقادات والهجوم أسفرت عن اقصائي بحجة تخطي عمري المسموح به لادارة السوق، متسائلا : لماذا عينت، ومن عينوني يعلمون اني أكبر من 60 عاما؟!.
ونوه السيف الى ان قانون هيئة أسواق المال المليء بالعيوب من وجهة نظره كان القشة التي قسمت ظهر البعير، موضحا ان تشبثه بتعديلات جذرية على القانون كانت السر وراء ابعاده عن الساحة، ليتمكن من يريد من قانون الهيئة بالصورة التي خرج عليها من تحقيق تطلعاته.
وبين ان قانون الهيئة لا يخدم احدا بوضعيته الحالية حتى انه لايخدم توجهات من أصروا على اخراجه بتلك الكيفية، مبينا ان الشركات والمساهمين والمستثمرين عانوا كثيرا من هكذا قانون، متسائلا : من المستفيد اذا ان لم يكن هناك من استفاد من القانون؟، ام ان من حاربوا لابقائه معيبا لم يدركوا أنهم سيكونون أول الخاسرين؟!.
ملفات عديدة وشائكة فتحها السيف وأبدي وجهة نظره فيها بكل جرأة قائلا خدمت وطني وما هدفت الا اعلاء رايته ، وفيما يلي تفاصيل حوارنا معه :
بداية ما هي هوية دولة الكويت الاقتصادية..هل هي رأسمالية أم اشتراكية أم مختلطة؟
للأسف نحن دولة بلا هوية اقتصادية واضحة ولذلك نحن نتخبط في اتخاذ القرارات، ومعظم القرارات المصيرية لدينا مجرد ردود فعل لما يطرح او يستجد من مشاكل، وهذه السياسة في اتخاذ القرارات لن توصلنا لأي هدف مرجو بل ستوقعنا في دائرة التخبط اللانهائي.
كما ان هذا الاتجاه المحبط الذي لا يراعي المستقبل سيدخلنا دائرة يصعب الخروج منها مستقبلا، ومن هنا يجب ان يكون هناك حل فاعل لتعديل آلية اتخاذ القرار خاصة وان الكويت تملك كل مقومات النجاح الأخرى.
ولاشك ان الحرية الاقتصادية والسوق المفتوح هما السبيلان القريبان للخروج من عنق الزجاجة والتوجه نحو اقتصاد راسخ قائم على مبدأ المساواة يحقق مصلحة البلد بالكامل.
مرجعية اقتصادية
طالبت قبل ذلك بوجود مرجعية اقتصادية وقانونية واجتماعية للرد على تساؤلات أصحاب الاختصاص والتفاعل مع أطروحاتهم فما مدى الحاجة الفعلية اليها؟
بالطبع نحن في حاجة لمرجعية تحث أصحاب الاختصاص على طرح آراء وحلول لما يستجد من قضايا ومشاكل على كافة الأصعدة، وعدم وجود هكذا مرجعية يخلف حالة من الاحباط لدى الكفاءات والخبرات الذين يريدون التفاعل بايجابية مع قضايا البلد انطلاقا من حرصهم على سلامتها وقوتها.
كيف تقيَم سياسة الدولة في التعيينات وهل هي عادلة وجيدة؟
نحن في دولة تتبع سياسة الارضاء للجماعات سواء الاقتصادية أو القبلية أو الطائفية، وللأسف فان تلك السياسات مبنية على المحاصصات في التعيين للمناصب الحكومية ومؤسساتها التابعة، فالكل يحرص على جماعته، مما يؤدي الى وجود هدر كبير في الأموال العامة وضياع التوجهات الصحيح الذي يجب ان تنتهج نحو المستقبل.
فوضى قانونية
هل ترى اذا ان هناك حاجة لتعديل مسار القرارات الحكومية وحمايتها قانونيا بشكل أفضل؟
نعم فأنا أرى ان الحكومة في حالة فوضى قانونية من حيث كثرة القضايا على العقود والقرارت الادارية الحكومية في أروقة المحاكم، والسؤال هنا هل يقوم جيش المستشارين في الجهات الحكومية المختلفة وخاصة في الفتوى والتشريع بتقديم الاستشارات القانونية الصحيحة حتى لا تقع الحكومة في خصومات خاسرة مع جهات عدة؟وسأعطيك مثالا على التخبط في هذا الصدد بسابقة تمثلت في رفع دعاوى قضائية متبادلة بين وزير ومدير حيث عين الوزير محاميا من القطاع الخاص للدفاع عنه بينما قام المدير بالاستعانة بالفتوى والتشريع لتدافع عنه، ومن هذا المثال تظهر الازدواجية والتخبط.
ومن هنا يجب على الجهات المختصة بالشؤون الحكومية القانونية بوضع أسس قانونية سليمة لقرارات مجلس الوزراء وقرارات الوزراء المنفردة لعدم وضع الحكومة في موقف الدفاع دائما، ومحاولة حل المشكلات الحكومية الحكومية في الداخل وليس عبر القضاء، فضلا عن ضرورة تجديد وتحديث القوانين البالية والتي اصبحت لا تجدي نفعا.
ما هو دور الحكومة في الاستفادة من المتقاعدين في القطاعين العام والخاص؟
ان الكويت هي البلد الوحيد في العالم الذي لا يستفيد من المتقاعدين ولا من خبراتهم المختلفة، وتجلب الحكومة الكثير من المستشارين المتقاعدين من الخارج بدلا من الاستعانة بالكفاءات الوطنية.
هيئة أسواق المال
انتقدت كثيرا قانون هيئة أسواق المال فما هي ابرز مآخذك عليه ولماذا؟
قانون هيئة أسواق المال مليء بالعيوب التي عطلت نمو سوقنا المالي بشكل خاص والحياة الاقتصادية بالكامل بشكل عام، وبالتالي كان تعديلها ضروريا، لانه من المستحيل ان يخدم القانون بصيغته الحالية تطلعات السوق وشركاته.
وما هدفت من وراء انتقاداتي للقانون لمصلحة شخصية بل هدفت لتأسيس مستقبل أقوى للسوق تستفيد منه الأجيال الحالية والمستقبلية.
وأكبر عيوب قانون هيئة أسواق المال هو احتوائه على خطأ استراتيجي لم يسبق ان حدث في العالم أجمع وهو ان تكون الرقابة تابعة للقطاع الخاص، فضلا عن انه لايوجد هيئة رقابية في العالم تتمتع باستقلالية مطلقة دون اشراف حكومي من اي نوع، كما لا يوجد هيئة رقابية بدون ميزانية مستقلة.
ثم كيف تستحوذ الهيئة على 220 مليون دينار من البورصة دون رقابة ديوان المحاسبة؟، اذا ما هي تلك الخصوصية الخارقة التي منحت لهيئة أسواق المال؟، كما انه لا يجوز لهيئة رقابية كهيئة أسواق المال ان تدير السوق اذ كيف تكون انت المدير والمراقب والمحاسب وكل شيء؟.
وكان من المفترض ان يتم تخصيص العملية التجارية في السوق عبر هيئة الاستثمار وليس هيئة اسواق المال لان قانونها نفسه يمنعها من العمل التجاري.
وللعلم تدهور السوق فترة كبيرة من الزمن دون داع حتى ان من تصوروا ان القانون سيخدمهم كانوا اول المتضررين منه.
وانا شخصيا بعثت اكثر من خمسين رسالة لأعضاء مجلس الامة لتعديل القانون لكن احدا لم يستجب لرسائلي رغم خطورة الامر، فسوق المال يمثل اقتصاد الدولة بالكامل لانه يحوي بين جنباته العديد من الشركات العقارية والاستثمارية والخدمية والصناعية والمالية وغيرها، ما اوجد خللا رئيسيا في السوق لوجود قانون غير فاعل.
ان تدخل المصالح الشخصية والانتخابية في الامور الاقتصادية يعصف بسوق المال واقولها للجميع حرام ان تقحموا مصالحكم في صالح عام فالكويت لا تستحق منكم ذلك.
ولو استمع المسئولون لنصائحي فيما يتعلق بضرورة التعديل الفوري لقانون الهيئة لما راينا الانخفاضات الهائلة في اسعار الاسهم بهذا الشكل، ولتم فصل الاختصاصات الادارية والمالية في السوق ولتمتع المتعاملون بجود تداولي اكثر مرونة واتزانا، ولاستفاد الاقتصاد الكلي بشكل مباشر من الاصلاحات التى كان يجب ان تنتهج منذ فترة.
ان قانون هيئة اسواق المال الكويتي لا يلبي احتياجات منظمة هيئة اسواق المال العالمية نظرا للعيوب الكثيرة التي يتضمنها، حتى ان عملية التخصيص الحالية لا تتم وفق الاطر العالمية الموضوعة فلا وجود لسهم ذهبي ولا لمساهم استراتيجي ولا لآلية واضحة المعالم تسير عليها عملية الخصخصة دون انحرافات.
ان هيئة أسواق المال والشركة الكويتية للمقاصة وادارة البورصة جميعهم لا يملكون ميزانيات مستقلة ولا يخضعون لمراقبة جهة كديوان المحاسبة فكيف يعرف مالهم وما عليهم؟
فيما يخص خروجك من ادارة البورصة هل تدخلت الأمور السياسية بشكل او بآخر فيها؟
سأحدثك بمنتهى الصراحة، تعاونت مع وزيرة التجارة والصناعة السابقة د. أماني بورسلي لاصلاح قانون الهيئة وقد كانت متعاونة للغاية في البداية معي فيما يتعلق بضرورة اصلاح العيوب الموجودة وكان بيني وبينها العديد من المراسلات السرية في هذا الصدد وكان لدى الوزيرة فرصة ذهبية للتعديل والتحكم في مجريات الأمور.
حينما خرج المفوضون الثلاثة بحكم المحكمة، ولكنها للأسف جاءت في لحظة معينة وأدارت لي ظهرها واتفقت مع لجنة السوق على تقاعدي على أمل ان يتم التجديد لها في الوزارة وبهذا ضاعت فرصة حقيقية لتعديل مسار السوق.
وقد فوجئت بسكرتيرتي تبلغني بقرار تقاعدي وانا في اجازة خارج البلاد، حيث استند القرار على تخطي عمري حاجز الستين عاما، وهنا سؤال هام الم يعرف من قاموا بتعييني بسني الحقيقي قبل تعييني رغم ان قرار تعيين مدير البورصة يمر بالعديد من الجهات ذات الثقل الرقابي والتنفيذي؟.
صلاحيات الإدارة
كيف ترى صلاحيات ادارة البورصة هل هي حرة في قراراتها أم مجرد منفذة للتعليمات؟
أعتقد ان ادارة سوق الاوراق المالية هي ادارة مجمدة الصلاحيات منذ فترة طويلة فهي تنفذ تعليمات هيئة اسواق المال ولا تملك اتخاذ قرار منفرد، وابان فترة ادارتي للسوق اجتمعت مع الهيئة وعرضت عليهم خطة تطوير كاملة للسوق فطلبوا مني تجميدها وعدم السير عليها حتى اشعار آخر، بحجة ان الشركة الجديدة المرتقبة من عملية الخصخة هي التي سيسند اليها مهمة التطوير وتلك كانت رسالة واضحة على عدم جدية التطوير والتحديث التي كان السوق ومتعاملوه يحتاجونها بشدة!.
ان سوقنا المالي غير منفتح على اسواق المال العالمية بسبب ضعف قوانينه واخفاقها في مسايرة ركب التقدم، فكيف بـشركات مدرجة ان تدير السوق وتمسك بزمام الامور فيه دون تواجد اشرافي او رقابي حكومي؟، وسيذكر التاريخ ان السوق مر بمرحلة غاية في السوء بسبب زيادة النفس الشخصي والرغبة الاحتكارية لبعض الجهات ليس الا.
ان السوق بوضعيته الحالية لا يخدم لا كبرى الشركات ولا صغراها، وهنا يجب ان نوضح للتاريخ ان محاولة الاستفادة من القانون باستخدام نفوذه وقع في فخ الضرر منه فعدد كبير من الشركات تعاني منه ولديها مشاكل مالية بسببه، ولا يوجد من استفاد منه الا من استفادوا برواتب عالية في مناصب محددة.
هل لمست محاولة لابعادك عن منصب مدير السوق قبل تعيينك به؟
نعم فقد اتصل بي أحد الأشخاص المهمين في البلد وعرض علي منصبا مرموقا في احدى الجهات التنفيذية المعروفة وقد لمست ان هذا العرض محاولة لابعادي عن قبول منصب مدير السوق وكان ردي اني ابن السوق ولا افهم بغيره ورفضت بكل ثقة.
الأدوات الاستثمارية
كيف ترى الأدوات الاستثمارية الحالية في السوق هل تلبي الطموحات؟
النهج المتبع خطأ فاذا كان التطوير غائبا فكيف بتفعيل الأدوات الاستثمارية؟، ان تفعيل تلك الأدوات يحتاج الى كفاءات وخبرات قادرة على ذلك ويحتاج الى أسس فنية وادارية غائبة تماما في الوقت الحاضر، فالسوق يحتاج الى حماية واستقلالية وليس تشويشا رقابيا ما بين قانون غير واضح ولائحة تنفيذية تتعارض معه.
ولاشك ان رقابة هيئة أسواق المال على السوق كانت تحتاج الى سنتين على الأقل من التأسيس ولكن ان تملك الهيئة السوق ومبناه وتباشر الرقابة عليه من أول يوم يحمل الكثير من علامات الاستفهام التي يجب ان يتم التوقف عندها لمعرفة ماذا حدث بالفعل.
وهناك خبرات وكفاءات وطنية موجودة تستطيع ان تحدث تغييرات كثيرة على الصعيد الاقتصادي لكن يتم تهميشها لأسباب متنوعة أبرزها التمصلح.
بصراحة شديدة هل هناك مضاربون في سوق المال خارج اطار القانون؟
نعم هناك مضاربون فوق القانون، فقد كنت في ادارة احدى الشركات الاستثمارية المعروفة قبل ان أتولى منصب مدير البورصة وأقلت ثلاثة مدراء صناديق ومحافظ يشتغلون من تحت الطاولة ويفيدون بعض المضاربين غير الجيدين، لذا فهناك في السوق مضاربة غير شرعية وهو أمر للحقيقة وارد في كل أسواق المال في العالم ومجابهته تعتمد على مدى كفاءة الرقابة في مكافحة تلك الظاهرة السلبية.
وللعلم فالمدراء المشار اليهم ذهبوا للعمل في شركات أخرى رحبت بهم وحققوا ثروات طائلة جراء الممارسات غير القانونية، وللأسف الشديد النظيف في الكويت لديه مشكلة كبيرة فهو امام خياران فاما ان ينحرف ويسير مع التيار او يخسر ويخرج من الساحة بلاعودة .
وللاسف ايضا فنحن لدينا في الكويت ازدواجية في المعايير فترى الشخص في الدواوين يتغنى بشعارات وطنية حول الاصلاح والتطوير لكنه في وضح النهار لا ينفذها وكأنها كلام في الهواء ليس أكثر ولا اقل.
خصخصة السوق
كيف ترى عملية خصخصة البورصة؟
ان تخصيص البورصات في العالم يتبع أسسا ومعايير تحقق النجاح وتثري السوق المالي وتحقق الاستقرار الاقتصادي والمالي لسوق المال الذي يحتوي على معظم مدخرات الأفراد والشركات.
ولكن لدينا مرت عملية الخصخصة بمخاض عسير وجهود مضنية لايجاد مخارج قانونية ترقيعية يمكن الطعن عليها بالمستقبل بسبب التكابر وعدم وضع الأسس السليمة عن طريق تعديل القانون الخاص بتخصيصها وهو قانون شاذ ويتعارض مع القانون العام رقم 37 لسنة 2010 الخاص بالتخصيص.
كيف ترى هيئة أسواق المال بعد تولي د. نايف الحجرف؟
الدكتور الحجرف شخصية قادرة على احداث التغيير والكل يشهد له بالكفاءة والنزاهة ونتطلع لقرارات تصب في مصلحة السوق، ولو كنت مكانه لاتخذت فورا قرارا بوقف عملية خصخصة السوق وتوجيه الخصخصة للنفس التجاري وتحييد السوق عن الصراعات وتعديل أوضاع الهيئة عبر تنقيح القانون الحالي.
الفوائض المالية
بعيدا عن أجواء البورصة كيف ترى عملية استغلال الفوائض المالية للدولة هل تتم الشكل المطلوب؟
بالطبع لا، ان الدولة تعتمد بنسبة تفوق الـ90 في المئة على ايرادات النفط لتغطية الرواتب والكوادر والزيادات المستمرة دون ان تراقب انتاجية الموظف الحقيقية، مما يجعل الفوائض المالية في خطر محدق،كما تجعل المستقبل شبحا غامضا مخيفا.
ان ميزانية الكويت ووفقا للتقارير الدولية المعتمدة تواجه خطرا كبيرا فغالبية الميزانية تذهب للأجور والدعم وما في حكمها بواقع 20 مليار دينار تقريبا من أصل موازنة تبلغ 21 مليار دينار فكيف تستقيم الأمور، ولذلك انا ادعو لسياسات مالية اكثر حصافة تجنبا لعجوزات مالية هائلة ستنتج عن السياسات الحالية في المستقبل.
كيف ترى خطة التنمية الحالية؟
أخشى ان تكون خطة التنمية الحالية كسابقاتها فهي ستمول حسب علمي من الاحتياطي المالي للبلاد بواقع 100 مليار دولار وهو امر غير جيد، كما ان تلك الخطة تتمحور حول مدن اسكانية ستفتتح الباب لزيادة العاملين في الكويت من عمالة وخدم وما الى ذلك مما سيجبرك على رفع الدعم، في حين ان التنمية يجب ان تتم عن طريق القطاع الخاص وليس الحكومة كما يجب ان تتضمن مدنا صناعية وسياحية ومعلوماتية وليس اسكانية فقط.
ان القطاع الخاص في الخطط التنموية لدينا مجرد مقاول من الباطن يأخذ العمولة ويدش وهذا خطأ فادح يجب تداركه سريعا، فالمطلوب ان يكون القطاع الخاص شريكا في التنمية التعليمية والصحية وليس هامشيا.
ان خطة التنمية الحالية سترفع الميزانية الى حدود الـ40 مليار دينار، كما ان المطلوب هوية اقتصادية واضحة تسير عليها الدولة لتحديد المعالم بشكل أفضل.
قوانين بالية
هل القوانين الحالية تلبي طموحات القطاع الخاص؟
قوانيننا الحالية معظمها يحتاج لغربلة واعادة نظر بشكل سريع حتى تحقق الأهداف المرجوة منها، وهذ الامر مهمة مجلس الامة الذي يجب ان يكون فاعلا اكثر من ذلك، وللأسف فان اللجان المختصة بالقوانين الاقتصادية في مجلس الامة تحتاج لفلترة هي ومستشاروها الذين يتم اختيارهم بشكل غير مجدي.
ان تفصيل القوانين موجود لدينا فهناك من يقر قوانين باسلوب الخياطة والترقيع دون النظر في جدواه الاقتصادية الحقيقية للسوق ومستثمريه، واستطيع ان أعطيك مثالا على كلامي بقانون المناقصات الجديد الذي ما ان طرح حتى طلب تأجيل التصويت عليه ثم تم حل مجلس الأمة وتأخر اقراره وفي هذا الامر الكثير من التساؤلات والشكوك، لان هناك من سعوا لعرقلة القانون كما عرقلوا قوانين أخرى مشابهة.
ان عرض عليك منصب مدير البورصة مجددا مع وعود جادة بالعمل على اصلاح ما طالبت باصلاحه سابقا هل ستقبل؟
نعم سأقبل، فانا مستعد لخدمة وطني اذا طلب مني ذلك طالما كانت بيئة العمل ايجابية وفاعلة وتسمح بالتطوير والتحديث، فالوطن محتاج لكل ذي كفاءة وخبرة يقدم ما لديه للنهوض به، وانا فخور بما قدمت للكويت وفخور بعدم رضوخي للضغوط التي مورست علي ابان فترة تولي ادارة سوق الكويت للأوراق المالية.
طريق المستقبل
ما هو الطريق الصحيح للوصول الى مستقبل مشرق؟
ان انتهاج طريق تصعيد الكفاءات والخبرات هو الطريق الأمثل للوصول لغد مشرق، اما طريق المحاصصة والواسطة فلن يوصلنا الا لمزيد من العثرات، فلو عينت الدولة مسؤولين تكنوقراط وأعطتهم حرية التصرف لتغيرت أوضاعنا، اما تسكين مسؤولين على خلفية ترضيات قبلية وما الى ذلك لن يفيد مستقبلا.
ان وجود اقتصاد قوي سيضمن وجود استقرار سياسي لسنوات عديدة، ولكننا حاليا لدينا خلل في الطرح للمستقبل، ومع ذلك لازال الأمل موجودا بشرط الخروج من شرك الحلول المؤقتة والعمل الشخصي.
هل الكويت في الوقت الحالي جاذبة للاستثمار؟
الكويت طاردة للمستثمر المحلي والأجنبي لعدم وجود محفزات حقيقية تفتح أمام المستثمرين مجالات أكثر جاذبية فالمطلوب قوانين وتشريعات ملائمة ومواكبة لما يحدث في باقي بلدان العالم.
ظاهرة الفساد
هل يوجد فساد في الكويت وهل يعتبر ظاهرة؟
ظاهرة الفساد الاداري والمالي ظاهرة عامة شديدة الانتشار في كثير من الدول في العالم الثالث وتأخذ أبعادا واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينها وتختلف درجة شموليتها من مجتمع الى آخر وقد حظيت ظاهرة الفساد باهتمام الباحثين في مختلف الاختصاصات كالاقتصاد والقانون والسياسة والاجتماع، كذلك تم تعريفه وفقا لبعض المنظمات الدولية حتى أصبح ظاهرة لا يكاد يخلو مجتمع أو نظام سياسي منها، لذلك فالفساد يشكل خطرا جديا على استقرار وامن المجتمعات، ما يخرب عمل المؤسسات العامة والخاصة وقيم الديمقراطية والأخلاقية والعدالة ويعرض التنمية للخطر، وينتهك الفساد الحقوق السياسية والمدنية من خلال تخريب طريقة عمل المؤسسات والعمليات السياسية أو وضعها بموضع عديمة الفائدة ويؤثر في حالات في أداء القضاء وأجهزة تطبيق القانون.
والفساد ينتهك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من خلال الحرمان من توفير الخدمات العامة كالرعاية التعليمية والصحية ووضع عقبات أمام البعض في كسب المعيشة في القطاع العام أو القطاع الخاص، والفساد هو احدى وسائل الجريمة المنظمة، وعلاجه يتطلب وضع التدابير الوقائية والعقابية، ولكن من يقنع المفسدين بأنهم مذنبون.
وحلت الكويت في مراتب متأخرة خليجيا وعالميا في مؤشرات الفساد الدولية، مما يوضح العجز في مكافحة الفساد بشكل جدي ومستمر، ليس بالمقارنة مع دول الخليج بل حتى مع كثير من الدول النامية، ومن الخطورة ما وصلت اليه الدولة من انطباع عام بأن الفساد بات أمرا لابد منه ويصعب اصلاحه ومن لا يسير في تياره يصبح هو الخاسر الوحيد في المجتمع. والحل يجب ان يكون في اخذ القرار الصعب في تغيير المنهج والفكر الرعوي للدولة واخذ الفكر والنهج العلمي الذي يصحح الوضع لكل المؤسسات العامة والخاصة من حيث وضع أسس جديدة راسخة.
ماذا أعدت الكويت لمواجهة المستقبل الاقتصادي المتغير؟
ان العالم يمر بمتغيرات كبيرة من النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ونحن كأننا في جزيرة معزولة عن العالم لا نتأثر ولا نؤثر في أي من هذه المتغيرات، وكأننا في سبات دائم ولا نريد ان نغير من حالنا وكأن الدخل الوحيد من النفط سوف يدوم الى الأبد.
اننا ناشطون في الدراسات والمؤتمرات واعداد اللجان المتكررة للبحث والدراسة ثم نقف عند التنفيذ وكأننا نخاف من التقدم ولو خطوة واحدة الى الامام، ان المتابع للمجتمع الكويتي وطريقة حياته يجده مجتمعا متشابها يتساوى به الغني بالمتوسط والفقير في المباني والسيارات والسفر واللبس وكله يعتمد على الدعم الحكومي في افساد طريقة حياة الناس.
ان طريقة حياة المجتمع الكويتي مختلفة عن ما هو موجود في المجتمعات الأخرى في العالم، فكيف نخرج من هذا الحلم الى العودة الى الحياة الطبيعية المبنية على التخطيط العلمي السليم، الذي يراعي الحاضر والمستقبل ويعمل على تطبيق القانون والتعليم الذي يراعي مخرجات جادة تفيد المجتمع في مسيرة بلدنا وهو أساس لأي مجتمع متقدم، والتعليم هو البذرة الأساسية لأي مقياس لأي مجتمع في تقدمه أو تأخره، وللأسف اننا أهملنا التعليم لمدة طويلة ونحن نجني مخرجاته غير الحميدة، وهي التي وضعتنا في المأزق الحالي بمجتمعنا في كثير من الأمور السيئة والعديدة.
ولا نريد ان نحمل المسؤولية لأي طرف ولكن نريد ان نعمل على اصلاحه.
شركات الاستثمار
كيف ترى أوضاع الشركات الاستثمارية وهل لازالت بحاجة لعمليات اعادة هيكلة تدعم موقفها المالي؟
كنت نائبا لاتحاد الشركات الاستثمارية ومن مؤسسيه الأوائل، وكان هدفي منه هو ضبط تلك الشركات وانجاحها، وعملنا على ان يكون ممثل الشركة في الاتحاد أحد أعضائها البارزين، وقدمنا مسودة واضحة لقانون هيئة أسواق المال، وكان الاختلاف بيني وبين جهات أخرى في موضوع الشركات الورقية حيث رفضت ان يتم ادراج مثل تلك الشركات وأصر البعض عليه.
ولاشك ان وجود شركات ورقية في السوق يرهقه ويخفض من نموه ويقلل من فرصه في التطور، لكن هناك من يريد ربحا سريعا ويهدف للزج بتلك النوعية من الشركات الى السوق، وقد حوربت في اتحاد شركات الاستثمار لهذا السبب، اذا فهناك نوايا غير جيدة لاحداث فوضى منظمة ظاهرها مصلحة السوق وباطنها مصلحة شخصية.
شراكات أجنبية
هل أنت مع وجود شركات كويتية أجنبية في المناقصات الكبرى؟
بالطبع نعم، فالشركات المحلية تستفيد من الخبرات الأجنبية لكن يبقى على شركاتنا المحلية ان تكون أكثر ذكاء وتتعلم من تلك الخبرات لا ان تمارس دور الوسيط فقط في تلك الأعمال.
كما ان هناك مشكلة خطيرة في شركات القطاع الخاص يجب الالتفات اليها وهي اختيار مجالس ادارات قادرة على احداث نقلة نوعية لتلك الشركات، لا ان يتم الاختيار على أساس المحاصصة.
وللعلم فان معظم مدراء وأعضاء مجالس ادارات الشركات الخاسرة مليونيرات فكيف وصلوا لهذا الحد من الثراء وشركاتهم قابعة في بئر الخسائر؟
حلول اقتصادية
مع كل ما ذكرته من اختلالات في الاقتصاد الوطني ما هي الحلول التي يجب ان تتخذ الآن للحيلولة دون تفاقم الأوضاع؟
هناك عدة حلول يجب اتباعها على وجه السرعة ومنها على سبيل المثال لا الحصر.
1 – يجب التأكيد على هوية الكويت الاقتصادية على أنها دولة رأسمالية وتسارع الدولة لتطبيق كل ما يتطلب لترسيخ تلك الهوية، وهذا يحتاج الى الكثير من العمل والجهد حتى يترسخ مبدأ الحرية الاقتصادية.
2 – عند تحقيق المبدأ الأول يجب ان يكون لنا مرجعيات اقتصادية وقانونية واضحة المعالم وتكون محايدة في مراقبة وتوجيه المبادئ الاقتصادية للدولة لتحقيق الأهداف المنشودة.
3 – عندما يتحقق الهدف الثاني يجب ان يكون التعيين للمناصب القيادية وفق مبدأ تكافؤ الفرص وفقا للكفاءة والتخصص.
4 – وضع قانون ملزم للاستعانة بخبرات المتقاعدين الكويتيين من القطاعين العام والحكومي عن طريق وضع برنامج مخصص من خلال مؤسسة التأمينات الاجتماعية يوضح امكانات المتقاعدين وقدراتهم وخبراتهم في مجالاتهم السابقة وتأهيلهم ان تطلب ذلك للإحلال محل الوافدين في الاستشارات الرئيسية.
5 – ان كل ما تقدم من حلول هو مسؤولية الجميع حتى نصل الى ما نحلم به لوطننا الحبيب. اختلالات الاقتصاد المحلي
قال السيف ان الاقتصاد الوطني يعاني مجموعة رئيسية من الاختلالات الهيكلية منها على سبيل المثال لا الحصر :
1 – ليس هناك هوية للاقتصاد الوطني فهو ضائع ما بين الرأسمالية والاشتراكية.
2 – يجب ان يكون القطاع الخاص هو اللاعب الرئيسي في الدولة وليس القطاع العام الذي يستحوذ بشكل كامل على كافة القطاعات الحيوية.
3 – الاقتصاد لا يجب ان يكون في ذيل اهتمامات الدولة حتى يمكن تنويع مصادر الدخل وتقوية الشركات العاملة في الدولة على اختلافها وتنوعها.
4 – الاسراع في عملية ترشيد الدعم الذي يكلف الدولة مبالغ طائلة دون مبرر.
6 – تمويل الخطط التنموية بعيدا عن موازنة الدولة فالنفط لن يحتمل كثيرا الاعتماد المفرط عليه في الصرف.
7 – تنويع مصادر الدخل وخلق بدائل للنفط والعودة للاقتصاد الطبيعي
8 – فرض ضريبة حقيقية تحقق التوازن بين الايرادات والمصروفات.
9 – فصل السياسة تماما وبشكل فاعل عن الاقتصاد.
الحس الوطني
دعا السيف الى اعادة تأصيل الحس الوطني لدى جموع المواطنين، معتبرا اياه غائبا نوعا ما في الوقت الحالي، مشيرا الى ان غياب الحس الوطني اصبح ظاهرة واضحة في البلاد يقابلها شعور عميق بالحس الطائفي والقبلي والفئوي فالفرد اصبح لا يعبأ بما يحل بوطنه بينما هو مستعد للتضحية بنفسه من أجل قبيلته او مذهبه او تركيبته العائلية. وبين السيف ان الوطنية لها عدة معان منها الانتماء، والحب، والمسؤولية، وهي واجبة التحقيق اولا واخيرا لضمان استقرار المجتمع، ومن هنا يجب العمل على تقوية وايصال معاني الوطنية بشكل أفضل عبر جعل الوطن أولوية لدى الفرد وتحفيزه لبذل العطاء في سبيله ومحاربة كل ما هو طائفي او فئوي، وذلك لن يتأتى الا بتنمية الفخر لدى الفرد بوطنه.
قوانين بحاجة لإصلاح
تمنى السيف ان يتم الاسراع الى تعديل القوانين المعيقة للتنمية والتطور بشكل عاجل دون أي تلكؤ أو تسويف ومنها:
قانون هيئة أسواق المال، وقانون الشركات، وقانون الـBOT.
فضلا عن عدة قوانين اقتصادية أخرى ان عدلت ستغير كثيرا من الملامح الاقتصادية الحالية للأفضل.
مواد منسية من الدستور
يرى السيف ان هناك مواداً من دستور الكويت تحتاج للتفعيل لتحقيق ما يصبو اليه الوطن من طموحات.
ومنها على سبيل المثال المادة (20) من الدستور والتي تنص على ان الاقتصاد الوطني اساسه العدالة الاجتماعية وقواعد التعاون بين النشاط العام والخاص وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الانتاج ورفع مستوى المعيشة
وتحقيق الرخاء للمواطنين وذلك كله في حدود القانون.
كما ان المادة (153) من الدستور تنص على ان كل احتكار لا يسمح الا بقانون والى زمن محدود.
مواد يجب تعديلها
في قانون الهيئة
قال السيف ان المواد 19،33، 156،157، يجب ان يتم تعديلها للوصول الى الأهداف التالية :
وضع ميزانية خاصة للهيئة.
إعادة اموال البورصة النقدية لخزينة الدولة.
إعادة مبنى السوق للسوق.
تعديل مسار عملية الخصخصة.
وجود سهم ذهبي للدولة ومستثمر استراتيجي.
تطبيق قانون التخصيص على موظفي السوق.
مشكلات البورصة المزمنة
أوضح مدير البورصة السابق حامد السيف ان سوق المال يعاني عدة مشكلات مزمنةيجب معالجتها فورا ومنها على سبيل المثال.
1 – قانون هيئة اسواق المال المليء بالعيوب التي تحتاج الى تصويب.
2 – نظام ناسداك اومكس الذي لم يحقق الاهداف ولا التطلعات المرجوة منه.
3 – تحييد البورصة عن الصراعات واعطاء ادارتها مساحة أكبر في اتخاذ القرارات.
4 – تطوير السوق عبر ادوات استثمارية اكثر مرونة واخراجه من حالة الجمود والركود التي يعانيها.
5 – تشجيع الشركات على الدخول للسوق عبر محفزات جديدة.

Previous Post
العملية القيصرية لشركة البورصة فاشلة ؟
Next Post
قال إن القطاع الخاص أصبح ثانوياً. السيف لـ«النهار»: لا إصلاح اقتصادياً دون خصخصة ناجحة وقوانين واضحة
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300