المجتمع الكويتي مريض
المجتمع الكويتي يدخل في صراع نفسي مع نفسه بسبب فقدان الهوية المجتمعية الواضحة، فهو يعيش في دولة الرفاه ويعيش في دولة غير واضحة المعالم من ناحية الهوية، هل الدولة رأس مالية أم اشتراكية أم مختلطة؟ فوقع المجتمع رهينة عدم تحديد الهوية الاقتصادية والاجتماعية فالكل يطالب بالحقوق ولا أحد يتكلم عن الواجبات التي عليه للدولة فهو يطالب نظرياً بتحقيق القانون وهو أول من يكسر القانون بالواقع، يقع المواطن في كثير من المشاكل بسبب الصرف الزائد عن الحاجة للكماليات ليظهر للمجتمع بأنه غني وهو في الحقيقة يعيش على راتب يسدد كثيراً من القروض غير الضرورية على حساب أهله وتربية أولاده، وتأتي الدولة في كل مرحلة من تفاقم مشكلة هؤلاء المالية وتصدر قانوناً لتعويضهم أو تسهيل أمرهم، ما يدفعهم إلى اعادة القضية من جديد للاعتماد على تكبير المشكلة ومن ثم دفع الدولة لحلها، مجتمع يعتمد في علاجه على المستشفيات الخاصة، والحكومة تصرف الملايين للمستشفيات الحكومية والكل ذاهب في طريق ولا يستفيد منه الطرفان، مجتمع يحارب الواسطة نظرياً وفي الواقع يعتمد للحصول على الوظيفة المناسبة على الواسطة.
الغني في المجتمع الكويتي يلهث وراء زيادة أمواله ولا يفكر في مساعدة المجتمع والدولة في التنمية والتفكير بمستقبل هذا البلد، القيادات السياسية تهاجم الحكومة علناً وتماري الحكومة بالخفاء، القيادات الحكومية في الوزارات والهيئات الحكومية صارت كأنها تدير مؤسسات خاصة بها وليست مؤسسات عامة تخدم المواطن، الفطور الصباحي في الوزارات الحكومية صار رسمياً كأنها مطاعم وليست أماكن عمل.
صارت صلاة الظهر في مؤسسات الدولة تأخذ الوقت الكثير من أوقات المراجعين من المواطنين، والدين فضل العمل وتأجيل الصلاة.
لماذا طغت الماديات على علاقات المجتمع الكويتي وصار التعامل بالوجاهة والمال على حساب الحياة الطبيعية فترى حتى في أفراحنا وأحزاننا أننا ننافق من حيث ان يكثر الناس على تعزية الشخص الغني ويتناقصون عند تعزية الفقير حتى لو كان من أشرف الناس علماً وخلقاً، وكذلك نفس الشيء في أفراحنا؟!
فلماذا نحن وصلنا إلى هذا الحد من المرض النفسي وعمم كأنه حقيقة؟
في الحقيقة ان المجتمع الكويتي لا يواجه الحقيقة ولا يفكر بمستقبله ومستقبل أجياله فهو يعيش في واقع غير حقيقي يتماشى مع واقع الحياة الطبيعية وكأنه في حلم يخاف ان يصحو منه، لذلك يجب دراسة واقع المجتمع الكويتي ومحاولة وضع أسس جديدة لتغيير مسار حياته التي لا توصله إلى أي شيء ولا تخلق الدولة المدنية المستديمة، فهذه مسؤولية الحكماء من أبناء هذا البلد في الدولة وفي المجتمع المدني في مراجعة النفس وواقع الحياة لمحاولة تغييره حتى نحقق أمنيات ومستقبل هذا البلد وتحقيق الدولة المستديمة الواقعية لما فيه مصلحة هذا المجتمع والبلد الطيب.
والله المستعان.