المستقبل المجهول.. والمدروس
المستقبل المجهول هو أي شيء غير مخطط لأيامه القادمة وغير مستغل لامكاناته المادية والمعنوية بالطريقة المثالية الصحيحة بحيث تصبح أموره في عالم الغيب ما يؤدي الى احتمالات ونتائج غير معروفة وتحمل كل المخاطر المستقبلية المجهولة. أما المستقبل المدروس فهو مبني على فكر علمي يسهم في توقع نتائجه والمبني على أهداف محددة ويستغل كل المدخرات المادية والمعنوية لخدمة خططه المستقبلية. ومن تلك المقارنة الواضحة المعالم في الاتجاهين بين المستقبل المدروس والمستقبل المجهول، كيف نسقط ذلك على بلدنا الكويت؟
ان الكويت في بداياتها كانت تسير على خطط ودراسات فنية وحققت الكثير من الانجازات الايجابية في كل التوجهات العلمية والصحية والثقافية الا أنها في السنوات الأخيرة تراجعت عن ذلك وصارت معظم مؤشراتها في آخر الركب بين دول المنطقة وذلك للاسباب التالية:
1 الدولة تملك وتدير معظم مؤسسات البلد ولا تريد اشراك القطاع الخاص في التملك والادارة بطرق قانونية وتنظيمية واضحة المعالم ما خلق ادارة بيروقراطية غير منتجة ما يقودنا الى المجهول.
2 الاعتماد على الدولة الاستهلاكية الرعوية بالصرف غير العادي على الرواتب والكوادر والدعم غير العادي لكل شيء ما سيؤدي الى قصور الموارد المالية للصرف على ميزانية الدولة، وهذا بشهادة كل التقارير الدولية من دون التفكير بالترشيد وحساب المستقبل ما يقودنا الى المجهول.
3 التركيبة السكانية، حيث انها في ازدياد غير مدروس فقد بلغ عدد الوافدين ضعفي عدد سكان البلد وهم في ازدياد اذا ما طبقت خطة التنمية وبناء مدن جديدة وما تحتاجه من خدمات في المدارس والمستشفيات والمرافق الحكومية وهذا سيضاعف عدد الوافدين الى أربعة أضعاف عدد السكان الكويتيين ما يزيد مشاكل البلد في المستقبل من الناحية الأمنية والمالية وستزيد الرواتب والدعم ليصل الى عجز الدولة عن توفير الموارد المالية لمقابلة ذلك وهذا يقودنا الى المجهول.
4 الى هذا اليوم الدولة لا تفكر بوجود بدائل لمداخيل النفط وهذا يقودنا الى المجهول.
5 المشكلة الاسكانية تتفاقم والدولة آخر من يفكر بحلها وايجاد السكن المناسب للقادمين الجدد من الشباب وهذا يقودنا الى المجهول.
6 الصرف على الخدمات التعليمية والصحية دون النظر لنوعيتها وأدائها ما دفع معظم الكويتيين الى التوجه الى خدمات القطاع الخاص ما يهدر الأموال العامة، وعدم التوجه الى عملية التخصيص ليتحمل القطاع الخاص العملية التنافسية وتحسين الأداء ما يضاعف الصرف الحكومي وسوء الادارة ما يؤدي الى المجهول.
من ذلك نرى ان كل تلك التراكمات السلبية تقودنا الى المجهول. والسؤال المهم والمستحق لماذا تتبنى الدولة هذا الطريق الخطر لمستقبل البلد..؟ ولماذا لاتتبنى الدولة الطريق المدروس الايجابي المهم للبلد؟ انه لأمر محير ويصعب فهمه على كل المستويات. لذلك نحث أصحاب القرار في هذا البلد المسكين أن يصحوا قبل فوات الأوان في التفكير في قلب المعادلة من المستقبل المجهول الى المستقبل المدروس الايجابي من أجل هذا البلد المسكين الطيب. والله المستعان.