الوطن والمواطنة.. إلى أين؟

الوطن هو البلد الذي ولدنا فيه وتربينا فيه، أو المكان الذي نشعر بالأمن فيه وننال حقوقنا فيه، نعرف ما لنا وما علينا يتساوى الجميع أمام القانون والعدل هو ميزان الحكم فيه ونعلم ان الوطن ليس ملكا لشخص ما بل هو ملك يتسع للجميع وان الوطن بحاجة الى عطاء ومضاعفة الجهود للدفع بعجلة التنمية الاقتصادية المستدامة ودفعها الى الأمام بدون توقف أو هوان لتجاوز كافة العوائق التي تعيقها. انه بحاجة الى انتماء حقيقي وليس مزايدة على حبه من أجل مصالح شخصية ونفعية ضيقة. الوطن هو الحصن الدافئ الذي نخلد فيه الى النوم بدون خوف أو مضايقة، والمواطنة لا تختلف في معناها عن الوطن الا ان تعريف المواطنة مأخوذ من الوطن وهو محل الاقامة والحماية اما المواطنة فهي العلاقة بين الفرد والدولة وما تتضمنه هذه العلاقة من حقوق وواجبات متبادلة في الوطن فمن المنظور النفسي تعني المواطنة الشعور بالانتماء والولاء للوطن. ان المواطنة الحقيقية تتطلب السلام والتسامح الانساني في احترام ثقافات الآخرين وتقديرها والتعايش مع كل الناس بدون تمييز أو إقصاء للآخرين.
فالمسؤولية الالزامية للمواطنة تتمثل بالالتزام بالقوانين المشرعة في الدولة وتحمل المسؤولية الطوعية فهي تمثل المشاركة في تحسين الحياة السياسية والمدنية والنقد البناء للنهوض بالاقتصاد الوطني وتحقيق مستلزماته.
كل هذه المقدمة في تعريف وجدان الوطن والمواطنة وأين نحن من ذلك في الكويت؟ وما علاقة المواطن بالمواطنة؟
ان المواطن في الكويت يقع في حيرة من توجه المجتمع في تفتيت المواطنة والمواطن في الكويت حباله الله الكثير من النعم التي منَّ عليه بها في هذا البلد ويتمتع بالخدمات التعليمية والصحية ودعم كثير من الخدمات وصار المواطن يطلب الكثير ولا يعطي الا القليل وتفرق المجتمع الى تنظيمات مختلفة فهناك تنظيم الدين السياسي والتنظيم الليبرالي والتنظيم التجاري والتنظيم القبلي والتنظيم الطائفي، وكل هذه التنظيمات تعمل لمصالحها الخاصة والضيقة وليس للوطن ومصالحه اي اعتبار الا ما ندر.
ومن هنا نرى ان المواطن وقع في حيرة من أمره في تحقيق امنياته في الوطن بحرية واستقلالية فالمواطن الذي يريد ان يعمل بحرية واستقلالية يصطدم بكثير من العوائق التي تحرمه من تحقيق ما يريد لصالح هذا الوطن، ولو عمل بكل جهد وعزم فهو مقيد وبحرقة في انه اما ان ينتمي للتقسيمات والتنظيمات السابقة ويكون مخلفا لها وينفذ أوامرها والا فهو لا يستطيع ان يعمل كمواطن بحرية ويحقق ما يريده في سبيل تحقيقه لوطنه ما يريد من تقدم ورفاه بالطرق المشروعة والقانونية المنظمة لمجتمعه. لذلك صار المواطن اما ان ينتمي الى تلك التنظيمات ويحقق فقط أموره الشخصية والمنفعة الضيقة التي لا تخدم الوطن بل تخدم الشخص وتلك التنظيمات.
النتيجة الواضحة انه صار من يعمل كمواطن في حب ورفعة وطنه وديرته وجهده المستقل يجد نفسه وحيدا ولا يلتفت اليه ولا يحظى بأي اهتمام، اما من وقع وقبل الدخول بتلك التنظيمات فهو ذو حظ عظيم في تحقيق مصالحه الشخصية ومصالح الجماعة.
أما الدولة فهي المغذي لتلك التنظيمات عن طريق المحاصصة وتسهيل الخدمات والتعيينات في مراكز الدولة وهي مستمرة في هذه اللعبة لتحقيق أهداف سياسية مؤقتة فتعمل على تقريب تلك الجماعة في أوقات وتبعدها في أوقات أخرى لتحل محلها أخرى وهذه اللعبة لا يستفيد منها الوطن والمواطن والأجيال القادمة لما فيها من هدر للمال والجهد ولا تحقق أهداف الوطن المستقبلية ولا رغبة سمو أمير البلاد في ان تكون الكويت مركزا ماليا وتجاريا في المنطقة.. فما الحل؟ الحل في ان تفكر الدولة في تغيير هذا النهج والبدء في النظر بجدية لما يحتاجه الوطن والمواطن والانطلاق الى المستقبل الذي يحقق التنمية الحقيقية لما فيه مصلحة الجميع، والله المستعان.

Previous Post
المقاصة إلى أين؟ (2-2)
Next Post
الـحوكمة بين النظرية والتطبيق
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300