بس سياسة

مشكلة البلد التسلط السياسي والاداري للدولة الذي يعتمد على الدولة الريعية غير المهتمة بمفهوم التنمية. وهذا التسلط السياسي أساسه الوفرة المالية النفطية التي تغطي فشل البلد وتجعله لا يهتم بالتنمية الاقتصادية والتعليمية والصحية والخدمية، ويكسب سكوت المجتمع عن طريق البذخ في زيادة الرواتب والكوادر الخاصة للقطاعات المختلفة غير المبررة والمنتجة، والتعيين الوظيفي غير المبرر، ما خلق بطالة مقنعة وسافرة صارت عبئاً على الجهاز الاداري للدولة، وأساس فشله، وهذه الوفرة المالية أصابت القطاع الخاص بالكسل في المشاركة بعملية التنمية، وجعلته خادماً للدولة الريعية والكسب من الفوائض المالية عن طريق المناقصات والوكالات الاحتكارية من دون ان يكون شريكاً حقيقياً في عملية التنمية ويملك ويدير معظم المشروعات الوطنية التي تخدم البلد وتساعد الدولة على تحمل دوره في استيعاب مخرجات التعليم المتنامية، لذلك صار لدينا التسلط السياسي الاداري وفشل القطاع الخاص في قيادة التنمية الحقيقية المطلوبه للدولة وسيطرة فلسفة الدولة الريعية الكسولة غير المنتجة، والتي تنتظر الاختناق النهائي بعد التغير المتوقع لمدخول الدولة في المستقبل، والذي صار حقيقة متوقعة للدول النفطية غير الرشيدة في بناء أسس الدولة المدنية المستدامة. انها  الحقيقة المرة التي سوف نواجهها في المستقبل اذا ما كان هناك اصلاح في المفهوم السياسي لادارة الدولة الى مفهوم تسلط التنمية على المفهوم السياسي للدولة الريعية. ان البلد يحتاج الى قرار مهم وضروري من العهد الجديد لقلب المعادلة لتعديل المسار من دولة ريعية الى دولة تنموية ذات خطط شاملة ومستمرة وبعيدة الأمد وتخدم الجيل الحالي والقادم وتطمئن المجتمع على مستقبل حياته.
انها الفرصة الأخيرة غير القابلة للنقاش والذي يتطلع لها المجتمع وينتظر من يقوده لذلك الطريق الحقيقي للحياة الكريمة والمستدامة، فالكويت لديها كل الامكانات لتحقيق الدولة المدنية الحقيقية المستدامة فماذا ننتظر غير القرار السياسي الواضح من العهد الجديد لتغيير المسار المطلوب الذي يحقق أمنيات مواطني هذا البلد، انها دعوة حقيقية لكل من يفكر بمستقبل البلد المظلوم لغياب الخطط التنموية الحقيقية لاستشراف مستقبله والاطمئنان على استمراره في حياة كريمة مبنية على أسس متينة جادة. انها رسالة الى أصحاب القرار في العهد الجديد في أخذ المسؤولية التاريخية لتغيير المسار وتحقيق أمنيات هذا البلد الطيب. والله المستعان.

Previous Post
التخصيص قبل الندم يا حكومة
Next Post
الديموقراطية والضريبة متلازمتان
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300