تايتانيك الكويت في العصر الحديث
تايتانيك هي باخرة ركاب انكليزية عملاقة وكانت التايتانيك أكبر باخرة نقل ركاب في العالم، تم بناؤها في ذلك الوقت وفي رحلة لها في 15/4/1912 من لندن الى نيويورك عبر المحيط الاطلسي وبعد أربعة أيام من انطلاقها اصطدمت بجبل جليدي قبل منتصف الليل بقليل ما أدى الى غرقها بالكامل بعد ساعتين وأربعين دقيقة من لحظة الاصطدام، وقد مات كثير من ركابها بسبب عدم وجود قوارب النجاة للمسافرين الذين كانوا على متنها، وعدم وجود الحكمة في إدارتها حيث كانت تسير بسرعة فائقة بالليل من دون أي محاذير للمخاطر التي أمامها، ما أفقد قائدها السيطرة عليها واصطدمت بالمجهول الذي أمامها، هذه قصة محزنة راح ضحيتها عدد كبير من ركابها بسبب عدم التفكير بالناس ومستقبلهم من قبل من كان يدير الباخرة، وأخذ مخاطر عالية في السير بالليل من دون التأني والتفكير بالمسؤولية عن أرواح الناس ومستقبلهم، فكيف نسقط التايتانيك على وضعنا في الكويت؟ إن إدارة البلد في الكويت تشبه طريقة إدارة التايتانيك من حيث إن باخرة الكويت تسير وأمامها كثير من الجبال الجليدية وهي تتمثل في الآتي:
1 – إن الدولة تملك وتدير معظم مؤسسات البلد ولا تريد إشراك القطاع الخاص في التملك والادارة بطرق قانونية وتنظيمية واضحة المعالم ما خلق ادارة بيروقراطية غير منتجة ما يقودنا الى المجهول.
2 – الاعتماد على الدولة الاستهلاكية الرعوية بالصرف غير العادي على الرواتب والكوادر والدعم غير العادي لكل شيء ما سيؤدي الى قصور الموارد المالية للصرف على ميزانية الدولة، وهذا بشهادة كل التقارير الدولية من دون التفكير بالترشيد وحساب المستقبل ما يقودنا الى المجهول.
3 – التركيبة السكانية، حيث إنها في ازدياد غير مدروس حيث بلغ عدد الوافدين ضعفي عدد سكان البلد وهم في ازدياد اذا ما طبقت خطة التنمية وبناء مدن جديدة وما تحتاجه من خدمات في المدارس والمستشفيات والمرافق الحكومية وهذا سيضاعف عدد الوافدين الى أربعة أضعاف عدد السكان الكويتيين ما يزيد مشاكل البلد في المستقبل من الناحية الأمنية والمالية وستزيد الرواتب والدعم ليصل إلى عجز الدولة عن توفير الموارد المالية لمقابلة ذلك وهذا يقودنا الى المجهول.
4 – الى هذا اليوم الدولة لا تفكر بوجود بدائل لمداخيل النفط وهذا يقودنا الى المجهول.
5 – المشكلة الإسكانية تتفاقم والدولة آخر من يفكر بحلها وايجاد السكن المناسب للقادمين الجدد من الشباب وهذا يقودنا الى المجهول.
6 – الصرف على الخدمات التعليمية والصحية بدون الحساب لنوعيتها وأدائها ما دفع معظم الكويتيين إلى التوجه إلى خدمات القطاع الخاص ما يهدر الأموال العامة، وعدم التوجه الى عملية التخصيص ليتحمل القطاع الخاص العملية التنافسية وتحسين الأداء ما يضاعف الصرف الحكومي وسوء الإدارة ما يؤدي الى المجهول.
إن كل هذه الكتل الجليدية التي ستواجه تايتانيك الكويت وتؤدي بنا الى المجهول تذكرنا بحادثة التايتانيك التاريخية والتي صارت عبرة للاهمال وعدم تحمل المسؤولية من إدارتها، فهل سوء إدارة البلد سيؤدي بنا الى تايتانيك ثانية في العصر الحديث؟ إنه تذكير للإدارة الكويتية ان ما يجري بدون التفكير الجدي فيما يجري وما سنصل اليه في المستقبل سيقودنا الى المجهول.
إنني أحذر من المستقبل الشبيه بما حدث لسكان التايتانيك راجياً ان تفكر الدولة جيداً وتغير الفكر والمنهج وإعادة الحساب للكتل الثلجية القادمة لما فيه خير هذا البلد المسكين والطيب.
والله المستعان.