تيار الفساد.. من يوقفه؟
ظاهرة الفساد الاداري والمالي ظاهرة عامة شديدة الانتشار في كثير من الدول في العالم الثالث وتأخذ ابعادا واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينها وتختلف درجة شموليتها من مجتمع الى آخر وقد حظيت ظاهرة الفساد باهتمام الباحثين في مختلف الاختصاصات كالاقتصاد والقانون والسياسة والاجتماع، كذلك تم تعريفه وفقا لبعض المنظمات الدولية حتى اصبح ظاهرة لا يكاد يخلو مجتمع او نظام سياسي منها، لذلك فالفساد يشكل خطرا جديا على استقرار وامن المجتمعات، ما يخرب عمل المؤسسات العامة والخاصة وقيم الديمقراطية والاخلاقية والعدالة ويعرض التنمية للخطر، وينتهك الفساد الحقوق السياسية والمدنية من خلال تخريب طريقة عمل المؤسسات والعمليات السياسية او وضعها بموضع عديمة الفائدة ويؤثر في حالات في اداء القضاء واجهزة تطبيق القانون، والفساد ينتهك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من خلال الحرمان من المواساة في توفير الخدمات العامة كالرعاية التعليمية والصحية ووضع عقبات امام البعض في كسب المعيشة في القطاع العام او القطاع الخاص، والفساد هو احد وسائل الجريمة المنظمة، وعلاجه يتطلب وضع التدابير الوقائية والعقابية، ولكن من يقنع المفسدين بأنهم مذنبون.
هذه مقدمة عن تعريف الفساد، فماذا لدينا نحن عن الفساد في الكويت؟
ان الكويت قد حلت في المرتبة الاخيرة خليجيا وحلت في المرتبة الـ 69 عالميا متراجعة اكثر عن مراكز المؤشرات الدولية عن الدولة التي عجزت عن مكافحة مدركات الفساد للعام 2013، فإن ما يتضح من مؤشرات مدركات الفساد على مر السنين هو عجز الكويت عن مكافحة الفساد بشكل جدي ومستمر، ليس بالمقارنة مع دول الخليج بل حتى مع كثير من دول نامية وامكانياتها اقل من امكانيات الكويت، ومن الخطورة ما وصلت اليه الدولة من انطباع عام بأن الفساد بات امرا لابد منه ويصعب اصلاحه ومن لا يسير في تياره يصبح هو الخاسر الوحيد في المجتمع، فكيف الخروج من هذا المأزق؟
انه موضوع صعب وتيار قوي يجرف المجتمع الى مخاطر مستقبلية لا تحمد عقباها، ان الحل يجب ان يكون في اخذ القرار الصعب في تغيير المنهج والفكر الرعوي للدولة واخذ الفكر والنهج العلمي الذي يصحح الوضع لكل المؤسسات العامة والخاصة من حيث وضع اسس جديدة مطبقة في كثير من الدول الناجحة في العالم من حيث ان التنمية يجب ان تكون تنموية وتشغيلية من حيث ان تكون منتجة وتحقق النمو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الحقيقي الذي يخلق الدولة المدنية المستدامة وتكافؤ الفرص في تطبيق العدالة وسيادة القانون دون تمييز، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب بعدالة، كذلك إلزام القطاع الخاص بالقيام بدوره كما ذكر في دستور الكويت حسب المادة 163 منه من حيث تحمل الجزء الكبير من التنمية تملكا وادارة بقوانين واضحة وعادلة وان يكون دور الدولة على الامور السيادية والرقابة، وهذا كله ليس صعبا من حيث ملاءة الدولة المالية، وتوافر العامل البشري المهمش، ولكن نريد في النهاية القرار الصعب في الدولة لتحويلها من دولة فاسدة الى دولة مدنية حديثة مستدامة، نفخر بها نحن ابناء هذا الوطن، ويحثنا على العمل الجاد المنتج لتحقيق الرفاهية لهذا الوطن الطيب.
والله المستعان.