حكم الدستورية والبداية الجديدة
إن حكم المحكمة الدستورية قد ارتقى ولامس الحقيقة بكل المقاييس في انتشال البلد من المجهول الى وضع اساس لانطلاقة جديدة للحياة السياسية في البلد، وتحقيق لا غالب ولا مغلوب، تعتمد على اساس الصوت الواحد One man one vote، كما هو موجود في دول العالم ان تجربة الأصوات الاربعة قد وضعت البلد على وضع غير طبيعي بسبب الممارسات التي كانت الاغلبية تمارسها وتسمي نفسها المعارضة وهذه بداية المشكلة، كيف تسمي الاغلبية نفسها بالمعارضة؟ ان المعارضة في جميع دول العالم هي بالاساس تكون اقلية وهذه ظاهرة غير عادية وغير موجودة في قاموس السياسة بأن الاغلبية تدعي نفسها بأنها معارضة.
ان ما افرزته الاصوات الاربعة أغلبية كافية لتحقيق كثير من طموحات الوطن والمواطن عن طريق العمل السياسي البرلماني الهادئ بالدفع بالقوانين المهمة التي يحتاجها الوطن في الدفع الى التنمية الحقيقية عن طريق فرض اولويات البلد في التعاون مع الحكومة وعدم اشغال البلد بالكثير من الاستجوابات غير العادية، وهذه عادة تمارسها الاقلية البرلمانية وليس الاغلبية البرلمانية.
ان الاغلبية البرلمانية لم تمارس دورها كأغلبية بل مارست دورها كأقلية ولذلك لم تحقق المطلوب منها للمواطن بل دخلت في كثير من الامور التأزيمية وخارج قبة عبدالله السالم مع انها اغلبية مريحة تستطيع تحقيق ما تريد عن طريق عملها البرلماني العادي والهادئ، ولذلك كانت تجربة الأصوات الاربعة غير صحيحة من حيث اتفاق كتل غير متجانسة في الاهداف والمبادئ بتبادل الاصوات وتحقيق العدد الكافي من الاغلبية وعندما تحقق لها ذلك تخلت عن دورها كأغلبية وممارسة دور الاقلية، وكل ذلك بسبب الخليط غير العادي وغير المتجانس لأهدافه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، ولذلك وضع البلد في حالة من عدم الاستقرار وتوقف المصالح وتقسيم المجتمع بدون مراعاة مصالح البلد وما يحيط به من اخطار داخلية وخارجية.
هذا وقد بنت المحكمة الدستورية حكمها على بعض الحقائق منها ان قاعدة الصوت الواحد للناخب هي قاعدة متبعة في العديد من الدول الديمقراطية بحيث لا تطغى الاغلبية، ولا تتلاشى الاقلية وحتى يجيء مجلس نيابي مرآة صادقة للرأي العام، كما ان من شأن هذه القاعدة ايضا ان تحقق تحرير المرشح من ضغط ناخبي دائرته وتأثيرهم عليه بأنه يمثل الامة جميعا في تحقيق مصالحها.
ان الصوت الواحد وما به من مميزات كثيرة يحد من القبلية والطائفية والحزبية والدينية فهو الملاذ لتحميل الناخب المسؤولية في التركيز على اختيار من يمثله وتحقيق مصالحه ومصالح البلد بدل الضياع في قاعدة الاصوات الاربعة وتوزيعها بطريقة عاطفية او مادية بدون وعي وحساب لمخاطر من يستفيد من ذلك من المرشحين المتسلقين الذين يخافون من الصوت الواحد الحقيقي الذي لن يحصلوا عليه وهذا الصوت الواحد سوف يفلتر المرشحين ولن يصل الى مجلس الامة الا المرشح الحقيقي الذي يعتمد على خبرته وقدراته في اقناع الناخب.
وفي النهاية فإن حكم المحكمة الدستورية قد وضع البلد على الطريق الصحيح للانطلاق للمستقبل وتحقيق التنمية الحقيقية لما فيه مصلحة هذا البلد الطيب، والله المستعان.