خارطة الطريق الاقتصادية
إن الدول الناجحة في تنميتها واقتصادها هي دول وضعت لنفسها خارطة طريق واضحة المعالم، تديرها إدارة مختارة بشفافية عالية لتحقيق التنمية الحقيقية المستدامة، والتي توجد الدولة المدنية الحقيقية المواكبة لكل ما هو موجود، من تقنيات حديثة وابتكارات جديدة، بحدود الامكانيات المتاحة لها، وحساب عامل الزمن في تلك الخطة التي تكون محسوبة بدقة بدون أي تأخير أو تضييع للموارد المتاحة، وهذه أسس ومبادئ معروفة، واتبعتها كثير من الدول الناجحة والتي تفتخر وتتباهى بذلك، فأين نحن من ذلك؟
اننا بلد بلا خارطة طريق اقتصادية، بل هناك خارطة طريق سياسية تسيطر على جميع المجالات الاقتصادية، فهذه نظرية معكوسة من حيث ان قاعدة خارطة الطريق الاقتصادية هي الاساس والتي ينعكس عليها الاستقرار السياسي، فكلما كان هناك اقتصاد متين وقوي كان هناك استقرار سياسي ومبني على أسس سليمة وقوية، لذلك فأي بلد بدون خارطة طريق اقتصادية واضحة المعالم وشفافة وقابلة للتطبيق يكون بلدا لا يسعى الى التقدم والتنمية الحقيقية بل يؤدي إلى التأخر عن الركب الحضاري الموجود في العالم لذلك فخارطة الطريق السياسية غير المبنية على خارطة طريق اقتصادية تؤدي الى تأخرنا عن الركب الحضاري الموجود في المنطقة والعالم، وهذا وضع محير من حيث إننا بلد نملك جميع الامكانيات المادية والمعنوية، ولكن لا نملك الرؤية الصحيحة المبنية على خارطة طريق اقتصادية سليمة وبدون سبب معروف أو حجة لذلك.
ان البلد محتاج وبكل قوة الى تعديل المسار والتوجه الى وضع خارطة طريق اقتصادية تعمل على نفض الموجود وتجديد الدماء في الادارة الحكومية والتخلي عن طريقة المحاصصة في التعيين لصالح القبلية والطائفية والفئوية والدينية السياسية والتجارية، والتي تتبع مصالحها الخاصة وولاؤها ليس للدولة بل للجهات التي عينتها وهذا جزء من خارطة الطريق السياسية المؤذية للوطن والتي تعيق تقدمه.
وفي النهاية لابد من وضع خارطة طريق اقتصادية لمعالجة أوضاعنا بطريقة عملية حقيقية قبل فوات الآوان، عن طريق طرح الحلول العلمية والفنية وإعادة سياسة البلد الاقتصادية وتحرير الاقتصاد وجلب التكنولوجيا عن طريق تسهيل دخول المستثمر الاجنبي، وتعديل التركيبة السكانية وتعديل تسعيرة الخدمات العامة ومراجعة الدعم الحكومي غير الرشيد الكثير من السلع والخدمات العامة ووضع نظام رواتب علمي مبني على الأداء وليس بالتقادم، والتركيز على الخصخصة، فهي الطريق الوحيد للإصلاح عن طريق اشراك القطاع الخاص في الاستثمار والملكية والادارة وذلك لتخفيف العبء المادي الكبير على الدولة والذي يؤدي الى مستقبل غير معروف ومستقر من كفاية الدخل العام لمقابلة المصروفات غير الطبيعية بكل المقاييس والبدء بطرح برنامج ضريبي يحرص على التقارير الدورية للسكان لتحديد طبقات المجتمع وقدراتها المادية حتى نستطيع وضع خطط وبرامج بخارطة الطريق الاقتصادية تتناسب مع تلك الطبقات وتكون دقيقة وشفافة لتؤدي وتحقق المطلوب في الخطة وتستفيد كل فئة من تلك الطبقات لاحتياجاتها وتحمل واجباتها بكل دقة لما فيه مصلحة هذا البلد الطيب.
والله المستعان