خبراء: الخصخصة على الطريقة الكويتية… «فاشلة»
أجمع المشاركون في ديوانية النهار التي عقدت تحت عنوان الاصلاح الاقتصادي في الكويت بين القرارات المترددة والخطوات المتعثرة أن حل مجلس الأمة والاتيان بمجلس جديد لن يغير من معادلة الاصلاح الاقتصادي باعتبار أن قرارات الاصلاح شأن حكومي ولا علاقة للمشرعين به اللهم إلا إصدار القوانين ووضع التوصيات.
وأكدوا أن الخصخصة على الطريقة الكويتية فاشلة وغير مجدية كونها لم تراع المعايير العالمية والمهنية المطلوبة لتطبيقها، موضحين أن قانون خصخصة البورصة وفقاً لقانون هيئة أسواق المال يخالف الاجراءات التي أقرها قانون التخصيص رقم 37 لسنة 2010.
وأشاروا إلى أنه لا يوجد خلاف أن رفع الدعم والخصخصة أمران على درجة كبيرة من الأهمية، إلا أن اجراءات التنفيذ جانبها الصواب وأفقدت الدولة الكثير من الأموال وأهدرت حقوق موظفي البورصة بناء على المادة 157 من القانون، بالإضافة إلى مواد أخرى نسفت قانون خصخصة البورصة من مضمونه وجعلته رهن تحكم 10 شركات فقط وجعلت تلك الشركات هي الرقيب والمستثمر في آن واحد.
وأوضحوا أن الدولة يمكنها الحصول على 200 مليار دينار من بيع القطاع العام والتخلص من الرواتب التي تشكل عبئاً كبيراً على الميزانية العامة للدولة وتشكل هي والدعم ما يقارب من 70 في المئة من إجمالي الميزانية.
وتعجبوا من ربكة التصريحات حول عجز الميزانية بين تأكيدات المسؤولين أن الميزانية تعاني عجزاً مالياً، فيما أشار صندوق النقد الدولي أن الكويت الوحيدة خليجياً ستحقق فوائض مالية في عام 2017.
وبينوا أنه في الوقت الذي ترى الحكومة فيه وجود عجز مالي تعانيه الميزانية، تصل فاتورة العلاج في الخارج 600 مليون دينار.
ووضع المشاركون في الديوانية العديد من التوصيات والحلول منها وقف المساعدات الخارجية وتأجيل مشاريع تنموية مدرجة بالمليارات مثل مترو الكويت والسكك الحديدية وغيرها من المشاريع التنموية التي لا جدوى منها في ظل وجود عجز الميزانية الحالية. كما شدّد المشاركون على ضررورة انشاء جهاز اقتصادي مستقل يتمتع أعضاؤه بالمهنية العالية وليس لديهم تضارب مصالح اقتصادية ويتمتعون بقدرة عالية على التخطيط. كما أن انشاء معهد لتدريب موظفي القطاع العام على العمل بالقطاع الخاص وتأهيلهم ليكونوا مشاركين حقيقين في التنمية سيكون له أكبر الأثر بالقضاء على البطالة.
وقد شارك في الديوانية كل من:
– وزيرة التجارة والصناعة السابقة د. أماني بورسلي.
– مدير عام البورصة السابق حامد السيف.
– الخبير النفطي كامل الحرمي.
وفيما يلي التفاصيل…
بداية كيف تقيمون مسيرة الإصلاح الاقتصادي بعد اعتماد وثيقة الإصلاح وحل مجلس الأمة؟
بورسلي: لا شك أن الاصلاح الاقتصادي مطلوب وبقوة في ظل تراجعات أسعار النفط، إلا أن الحكومة اتخذت خطوات غير موفقة وبدأت بجيوب المواطنين لتعويض فشلها في تنمية وتنويع مصادر الدخل، وأن الفوائض المالية التي ستأتي من تلك الاصلاحات لن تصحح الوضع المالي وعلى العكس نتيجتها لم تأت بثمارها المرجوة وبالتالي فإن مراجعة هذا الوضع بات ضرورة ملحة ومطلوبة.
السيف: في اعتقادي أن الإصلاح الاقتصادي للأسف قراراته مترددة ودائما ما تكون الأمور السياسية طاغية على الأداء الاقتصادي وتمنع تمريره وبالتالي القرارات تسير وفق معيار المحاصصة والتخوف ألا تكفي الميزانية في جانب الانفاق سداد الرواتب وهذا يعني أن حل الأزمة الاسكانية لا يمكن حلها، كما أن الاهتمام بالصحة وتحسينها لا يمكن بأي حال من الأحوال العمل وبالتالي لابد من إعادة هيكلة الاقتصاد بالكامل على مستوى مهني عبر تأسيس جهاز اقتصادي يتكون من فنيين على مستوى عال يخططون من أجل صالح الاقتصاد ويمكن ترك الجهاز القديم ليعمل، إلا أن الجهاز الجديد سيكون هو المنوط بالتخطيط السليم وتحديد الهوية الاقتصادية. وأتساءل هنا هل الكويت تسير وفق النظام الاقتصادي الحر أم النظام الاشتراكي، فجميع المشروعات التي تديرها الدولة. وأشير هنا إلى أن انشاء سجل ضريبي للمواطنين يمكن من خلاله متابعة الأنشطة الاقتصادية للأفراد والشركات والهيئات وتحصيل حقوق الدولة بشكل منتظم ويزيد من الايرادات غير النفطية للدولة.
مصالح شخصية
هل تعتقدون أن المصالح الشخصية طغت على الاصلاح الاقتصادي؟
السيف: بلا شك، وهنا أود إضافة أمر آخر على قدر كبير من الأهمية وهو أن الكل يعرف بالإصلاح الاقتصادي ويعرف الطريق الصحيح ولكن الترهل الذي تعانيه أجهزة الدولة وطغيان المصالح الشخصية على المصلحة العامة هو السبب الرئيس وراء تراجع الأداء الاقتصادي. وللأسف تعاني الكويت من ازدواجية المصالح فليلاً تجد المواطنين في الدواوين يتحدثون عن الإصلاح بشكل كبير وكأنهم جميعاً من العاشقين للكويت وترابها وبالنهار تجد الجميع يدفعون بمصالحهم الخاصة التي تتعارض.
هل تعاني الكويت فعلاً من أزمة مالية؟
الحرمي: في تقييمنا لمسيرة الإصلاح الاقتصادي، لابد وأن تعترف أن الدولة لديها خطة وهدف ولكن أين من يقود؟ كان لدينا، ولا يزال، هدف تحويل الكويت لمركز مالي وتجاري وهنا علينا أن نتساءل أين فريق العمل الحكومي بقيادة سمو رئيس مجلس الوزراء وهل من المعقول تدخل صاحب السمو أمير البلاد لمراجعة الأداء الاقتصادي كل 3 اشهر؟ وهناك مثال آخر له دلالة قاطعة على غياب الرؤية الاقتصادية، فقد قامت الحكومة بالاتفاق مع المجلس على تحويل الكويت إلى دولة عنصرية والتفرقة بين المواطن والمقيم بما قيمته 6.3 دنانير هي قيمة 75 ليتر بنزين من النوع الممتاز وكأن الحكومة تقيس المواطنة بهذا المبلغ البسيط. ودليل آخر على غياب الرؤية الاقتصادية ما يتعلق بحل مجلس الأمة والذي من المتوقع خلاله غياب الرؤية الاقتصادية وتركيز جميع الأعضاء على القضايا السياسية وأن يكون الاقتصاد في ذيل القائمة.
إصلاح اقتصادي
هل ستتركز قضايا مجلس الأمة المقبل على القضايا السياسية فقط على حساب الإصلاح الاقتصادي؟
بورسلي: للأسف الكويت تحتاج إلى فكر اقتصادي، إلا أن جميع المؤشرات تشير إلى أن القضايا السياسية ستكون في بؤرة اهتمامات المجلس خلال الفترة المقبلة، ففي الولايات المتحدة تجد الرئيس الأميركي تخصصه في الاقتصاد والقانون أو الاقتصاد والسياسة ومن هنا فالاقتصاد عنصر رئيس وأساس في السياسة وبالتالي فإن تعارض المصالح وطغيان المصالح الشخصية لن يؤدي إلى تحقيق اصلاح اقتصادي وهذا هو نهاية الكلام وخلاصته. والقرارات التي صدرت بخصوص رفع الدعم عن الديزل وبعدها المياه والكهرباء ورفع أسعار البنزين وهو اتجاه لم تحقق الدولة من الوفورات الناتجة عنه أي زيادة في ايراداتها غير النفطية بل على العكس، فإن الآثار السلبية منه لم يكن لها أي تأثير يذكر. ومالية الدولة تنقسم بين 4 مليارات دعومات و6 مليارات رواتب وأجور العاملين في القطاع العام وهو مما لا شك فيه، وبالتالي ما يذهب للرواتب نقوم بتقليصه لصالح شيء آخر. وأود الإشارة هنا إلى أن الدولة تفتقد الابداع في الحل الاقتصادي. وفي حال قيامنا بهندسة وادارة الاقتصاد بشكل ذكي سيكون له مردود جيد ويمكن للدولة القيام بارضاء الجميع من تجار ومتنفذين وغيرهم. واتفق مع ما ذكره الاستاذ حامد السيف من أن الدولة قد تعجز في حال الاستمرار في هذا الاتجاه ان تعجز عن سداد الرواتب. وهنا يساورني سؤال مهم لدينا فوائض مالية تم تحقيقها على مدى 16 عاماً متتالية وتم وضعها في صندوق أسود غير معروفة أرقامه لفئات المواطنين حتى الآن ولا نعرف مصير تلك الأموال وهل تم تحقيق فوائض أم عجز من ورائه. وفي اعتقادي أن الصندوق السيادي الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار والبالغ قيمته 600 مليار دولار يمكن من خلال استثماره بفائدة متدنية للغاية قدرها 6 في المئة أن تغطي العجز المتوقع في ميزانية الدولة.
إذن هل تعتقدون أن تأسيس جهاز اقتصادي سيحل المشكلة؟
بورسلي: نعم وفي اعتقادي أن انشاء جهاز اقتصادي لمعالجة الخلل في الهيكل الاقتصادي للدولة وأن تكون له يد فعلية في إدارة الاقتصاد بشكل قوي وفعال وبما لا يؤثر على وضع الأجيال القادمة، على أنني أتمنى أن لا يكون جهازا تجميليا ويكون مثله مثل هيئة مكافحة الفساد وفريق اقتصادي حكومي وغير ذلك. وهنا أشير إلى نقطة مهمة وهي أن يكون تشكيل أعضاء الجهاز الاقتصادي أو أي فريق يتم تشكيله وفقاً لمعايير محددة وألا يكون هناك تعارض مصالح بين الأفراد وعلى العكس من ذلك علينا أن تكون هناك رؤية اقتصادية تضع نصب أعينها تنويع مصادر الدخل ووضع حلول عملية وابداعية تعيد هيكلة الاقتصاد وبشكل فعال. ومع كل الجهات التي أنشئت اخيرا، فإن الكويت لا تزال تعتمد على البنك الدولي في إعداد تقارير اقتصادية عنها والتي من بينها مقترح ببقاء الكويتيين ويحصلون على رواتب وهو أمر غير منطقي فهناك كويتيون يعملون وبالتالي من غير المنطقي أن يصدر عن البنك مثل تلك المقترحات.
الحرمي: في اعتقادي أنهم محقون في ذلك، فكثير من الكويتيين لا يعملون للأسف، فالمشكلة تكمن أن الكويتي لا يقبل بمهن مثل العمل في محطات الوقود وغيرها من المهن التي يراها البعض أنها غير ملائمة لهم.
بورسلي: هناك انخفاض في انتاجية الموظف ولكن أليس من الأولى تعديله عبر تحسين الانتاجية وتصحيح الإدارة، وفي اعتقادي أن تراجع الانتاجية في الكويت سببه سوء الإدارة الاقتصادية للأسف.
السيف: للاسف الاشكالية أن الكويت تعاني من ديموقراطية عرجاء، ولأن استمالة نواب مجلس الأمة يأتي على حساب الوضع الاقتصادية، فإن طريق الاصلاح الاقتصادي طويل والحديث عن الانجازات التنموية في المجال الاقتصادي عادة ما يدمره تدخلات جهات معينة في التشريع إلى افساده خاصة اذا تعلق الامر بأصحاب المصالح الاقتصادية. وبالتالي على الدولة اتخاذ قرار بتصحيح الاوضاع السياسية والسير في طريق الديموقراطية الصحيح والابتعاد عن ارضاء نواب مجلس الأمة على حساب مصلحة المواطنين.
بورسلي: نحن نعاني من فساد تشريعي للأسف في بعض القوانين.
السيف: نحن نعاني من ادارة سيئة وكلفة عالية للاسف في إدارة الدولة، فالدولة تتعامل بالمنطق الرعوي في إدارة أمورها الاقتصادية، حيث لا يزال هناك الكثير من الأمور تقوم الدولة بادارتها بشكل سيئ وغير منظم ولا يتعامل وفق المعطيات الاقتصادية السليمة، الكويتي اليوم يقوم بالعلاج بالخارج رغم وجود الكثير من المستشفيات في الداخل بها نفس الامكانيات، إلا أن سوء الادارة هو السبب للأسف.
ما الحلول مع تراجعات أسعار النفط؟
السيف: الحل من وجهة نظري يتمثل في الخصخصة، فالدولة تعاني من تراجع الايرادات النفطية واستمرار وتيرة تراجع أسعار النفط بشكل كبير، وفي اعتقادي أن الكهرباء والصحة والمياه والاتصالات وهي كلها امور يديرها القطاع الخاص في كل مكان. وأرى أن الخصخصة يجب أن تراعي المعايير الفنية العالية المتبعة في الدول التي نجحت فيها وأن لا تكون وفق معايير المحاصصة وتقسيم الشركات بين أشخاص. وفي حال نجاح تجربة الخصخصة سيكون هناك الكثير من الفوائد أولها استيعاب الخريجين الجدد الذين يزدادون سنوياً وبيع القطاع العام بحوالي 200 مليار دينار وتتخلص الدولة من عبء الرواتب المتزايد عليها مع تأهيل موظفي القطاع العام الى القطاع الخاص في معهد تأهيل، مع العمل على خلق قطاع خاص قادر فنياً على ادارة مرافق الدولة وليس مجرد الاتيان بشخص عديمي الخبرة لادارة تلك المرافق. على أن يكون دخل النفط مخصص للأجيال القادمة.
بورسلي: أود الاضافة أن ما نحتاج إليه هو الخصصخة بأصولها وليس لتنفيع جهات معينة على حساب الدولة، فالخصخصة في الكويت تقوم على تحديد قيمة الأصل تحت الأرض، على الرغم أنه من المفترض أن تزيد قيمة الأصل لان الايرادات تذهب إلى خزينة الدولة.
السيف مقاطعا: ذكرتني د. أماني بأمر هام للغاية يتمثل في أن قانون هيئة أسواق المال تم انشاؤه من 4 قوانين مقدمة ومنها قانون اتحاد الشركات الاستثمارية وكان وقتها رئيس اللجنة المالية والاقتصادية أحمد باقر الذي تم تعيينه وزيراً للتجارة والصناعة وكان مسؤولاً عن لجنة السوق التي هي تابعة لغرفة التجارة والصناعة وقاموا بوضع القانون المقدم من قبل اتحاد الشركات الاستثمارية مع وضع 5 مواد للقانون، حيث أشارت المادة الأولى الى ان المسؤول عن القانون هم مفوضي هيئة أسواق المال الذي يعينهم وزير التجارة والذي لا يستطيع عزل أي منهم إلا عن طريق محكمة وبالتالي تم خلق هيئة ليس عليها رقابة ومعها موظفي البورصة ومبناها وأموالها البالغة 220 مليون دينار.
بورسلي: الخصخصة على الطريقة الكويتية !!.
السيف: ومن بين المواد الصعبة التي نسفت القانون المادتين 156 و157 التي يكون اموال الهيئة وموظفيها تحت سلطة الدولة. والمادة 133 في القانون تمثل قنبلة موقوتة وهي تتعلق بتخصيص البورصة والتي تنص على قيام الهيئة بالاشراف على التخصيص رغم أنه عملية تجارية وليس رقابية ولا يوجد في العالم هيئة رقابية تشرف على التخصيص والمفروض أن يكون من اختصاص الهيئة العامة للاستثمار وليس هيئة أسواق المال. وهناك اشكالية فنية اخرى تتمثل في أن قانون التخصيص رقم 37 لسنة 2010 يتعارض تماماً مع قانون التخصيص لهيئة أسواق المال والذي يوجد فيه سهم ذهبي وأموال للتقاعد ونقل الموظفين وغيرها. وبعد ذلك نأتي لطريقة التخصيص التي تنص على 50 في المئة للمواطنين و50 في المئة من الشركات ومدرجين في البورصة وبالتالي كيف يمكن لعشر شركات كل منهم يملك 5 في المئة من البورصة ومدرجين في الوقت نفسه في السوق، في حال اتفاقهم مشكلة وفي حال اختلافهم أيضا مشكلة.
خصخصة كويتية
بورسلي: خلاصة الكلام أن الخصخصة على الطريقة الكويتية فاشلة.
لسيف: في حال خصخصة البورصة ومنح الهيئة كل تلك الصلاحيات، ماذا تبقى من سوق المال الكويتي سوى الرخصة، فنظام ناسداك أوماكس كارثة لأن هناك حوالي 80 مليون دولار ضاعت على إدارة البورصة دون فائدة تذكر ولم نحصل على الباكدج المقدم لبورصة دبي والتي تمنح دبي الاشراف والرقابة على النظام بشكل كبير وإصلاح أي عيوب فيه، أما الكويت فقاموا باختيار 3 برامج لتدريب موظفي البورصة عليها وفق اتفاقية سنوية وللاسف لم ينجح النظام وخلقت بورصة عرجاء ولم يتم مرور القانون على الفتوى والتشريع وخرج من لجنة السوق إلى مجلس الأمة مباشرة. وهناك أمر آخر أن الكويت ليست عضواً في منظمة الرقابة على الأسواق المالية الأيسكو وكل دول الخليج أعضاء بها.
هل القطاع النفطي قابل للخصخصة وكيف ينظر إلى إعلان وزير المالية أنس الصالح بخصخصة 30 في المئة من 4 شركات نفطية للاكتتاب العام للمواطنين؟
الحرمي: قبل مايو 1975، كانت هناك 5 شركات خاصة تدير القطاع النفطي نفط الكويت والبترول الوطنية والكيماويات البترولية وناقلات النفط، وهي قابلة للخصخصة ولكن ماكو فايدة فالوضع حرج وفقا لكلام د. اماني ويحتاج لحلول وإدارة جيدة، وفي الجانب الآخر نجد صندوق النقد الدولي يتحدث عن أن الكويت لا تعاني أزمة مالية ولا تعاني عجزاً مالياً وبالتالي هناك غياب للتجانس بين أجهزة الدولة وربكة. والقطاع النفطي في زمن الخصخصة كان سباقاً في البترول الوطنية والكيماويات البترولية وناقلات النفط وللأسف تسعى الحكومة حالياً لاعادة الأمر من جديد من خلال خصخصة محطات البنزين وحددت لذلك 3 شركات، إلا أنها للأسف لم يظهر منها سوى شركتان فقط وبالتالي نحن بطريقة عملنا في خصخصة القطاع مرة أخرى نفتقد رؤية حقيقية واضحة وبمنتهى الشفافية.
هل يمكن العمل على انجاز الخصخصة في الوقت الراهن؟
الحرمي: في حال خصخصة القطاع النفطي سيكون هناك خلق لوظائف جديدة وبالتالي لا يمكن القول بإن الخصخصة ستؤدي لتقليل وشطب وظائف بل العكس وسيكون هناك قدرات أكبر مما هو موجود لأن القطاع الخاص يطور من قدرات الأفراد ويعزز دورهم في المدى البعيد.
بورسلي: ولكن كم كويتي سيتم تعيينه في حال الخصخصة للنفط؟
الحرمي: وهل هناك كويتي سيقبل بتعبئة البنزين وتعيين الكويتيين والتأكد من نسبتهم هذه وظيفة وزارة التجارة والصناعة والجهات الرقابية.
بورسلي: تكويت الوظائف والقانون المنظم له للاسف ليس عليه سوى غرامة يمكن تحملها من قبل الشركات وبالتالي ليس هناك ضمانة بزيادة عدد الكويتيين في المرافق والشركات الحكومية في حال التخصيص.
السيف: في عام 1977 تأسست لجنة وزارية لعرض مشروع العطريات المشترك بين الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي وكنت أنا عضواً باللجنة والدراسة كانت جاهزة للعمل وللأسف لم يتم التحرك على الدراسة منذ ذلك الوقت رغم أنها كانت جاهزة وتم الاتفاق مع 7 شركات ولكنها للأسف لم تشهد أي تحرك حقيقي الا هذا العام ولم تحرك الدولة ساكناً للتعامل مع المشروع رغم أهميته.
الحرمي: الأستاذ حامد يتحدث من عام 1977 ولكننا في عام 1970 قامت شركة البترول الوطنية وتحديدا ادارة التسويق العالمي دبي والفجيرة وراس الخيمة وذلك لبناء محطات بنزين عن طريق القطاع الخاص.
السيف: مشروع العطريات لو كنا قمنا بتأسيسه لاستفدنا وبشكل كبير من برميل النفط وللأسف يحدث ضغط من قبل أصحاب القرار لعدم تنفيذها. وهناك نوع من التدهور.
بورسلي: أتفق معك، فنحن لدينا أفكار ممتازة عند الشباب وشركات ودعم وتنسيق وبالتالي لو أن هناك جهازا اقتصاديا يمتلك اتخاذ القرارات ويقوم بجمع تلك الجهود لكان الوضع افضل بكثير بدلا من ضياع الجهود وتشتتها ويكون لديه من السلطات التي تمكنه من ذلك.
هناك وزارات معنية فقط بالشأن الاقتصادي مثل وزارة الاقتصاد، هل تقصدين هذا المعنى أن يكون هناك وزارة بهذا الخصوص؟
بورسلي: في اعتقادي أن الدولة ليست بحاجة لوزارات جديدة وإنما كل ما نحتاج اليه جهاز اقتصادي مستقل جميع أعضائه فنيين ومستقلين وليس لديه تعارض مصالح ويقوم بوضع حلول ابداعية للمشكلات الاقتصادية وأن يكون لديه سلطات قادرة على حل تلك المشكلات وما نطالب به ليس بدعة، بل موجود في دول خليجية مجاورة، فالأمر من وجهة نظري لا يحتاج إلى وزارة بقدر ما يحتاج إلى تمكين هذا الجهاز الاقتصادي المستقل من سلطاته.
كيف تقيمين تجربة الكويت في الخصخصة خاصة وأن شركة الخطوط الجوية الكويتية من بين المرافق التي شابت تجربتها في التخصيص الكثير من الانتقادات؟
بورسلي: لسنا ضد الخصخصة ولكن كل من يشارك في الندوة متفق على ذلك ولكن النموذج الكويتي في الخصخصة عليه الكثير من نقاط النقد التي وللأسف لم يتم تلافيها، بل على العكس مثلت أزمة حقيقية في التعاطي مع مفهوم الخصخصة.
نعود إلى محاور الندوة وهي هل فشل المجلس ومعه الحكومة في تنويع مصادر الدخل وحمل المواطنين مسؤولية ذلك عبر رفع الدعم وزيادة الأسعار؟
بورسلي: بعض أعضاء مجلس الأمة قال عرضت علينا وثيقة الاصلاح من باب المناقشة ولم نوافق عليها وبعد معرفة رد فعل الشارع تراجع جميع النواب دون استثناء وهاجموا الحكومة كونها لم تقم بعرض المشروع عليهم رغم أنهم أقروه. وتم رفع أسعار الكهرباء والمياه بعد السكن الخاص والاستثماري والتجاري وبعد ذلك ارتفعت أسعار البنزين وتم رفع جميع الزيادات ما عدا السكن الخاص وهي موجودة في الخطة وهم سيقومون بزيادتها ولكن بعد تركيب العدادات.
الحرمي: أنا مع زيادة المياه والكهرباء بسبب الهدر في الاستخدام وهناك افراط كبير في السكن الخاص في استخدام المياه والكهرباء من قبل المواطنين وفي حال الالتزام بالشرائح فلن تزيد فاتورة الكهرباء والمياه على المواطنين وكل مواطن سيستخدم الكهرباء والمياه الموجود فيها ويرشد من استهلاكه.
بورسلي: نظام الشرائح الموضوعة من قبل الحكومة والقرار الخاص بزيادة الرسوم عليه انتقادات منها أن جميع المواطنين لا يدخلون في الشريحة الأولى، وبالمناسبة أنا مع تطبيق نظام الشرائح في الكهرباء والمياه ومع رفع الدعم عن المشتقات النفطية كالبنزين والديزل والكيروسين ولكن الإشكالية تكمن في الطريقة الحكومية في تنفيذ الاجراءات. فمثلاً قبل رفع الدعم عن الديزل كان على الحكومة ايجاد جهاز رقابي جيد على الأسعار وكذلك في البنزين، فليس معقولاً رفع سعر البنزين على المواطنين والمقيمين في ظل جهاز رقابي ضعيف.
وفي الوقت الذي رفعت فيه الحكومة أسعار البنزين، قام وزير التجارة والصناعة بالغاء قرار تجميد الأسعار الذي فتح السوق على مصراعيه أمام جشع التجار واستغلالهم فزادت مئات السلع والخدمات وتكبد المواطن والمقيم الكثير من الأموال ولم تحقق الوفورات المالية المتوقعة هدف الحكومة الرامي لتخفيف الضغط على الميزانية في جانب الدعومات.
السيف: في اعتقادي أن الحكومة قامت بالدخول في برنامج اصلاح اقتصادي وتنويع مصادر الدخل وليس هناك جدية من قبل الحكومة في انجاز اصلاح حقيقي على مستوى الدولة وهناك الكثير من الامور التي لم تتم مناقشتها بشكل جاد مثل رفع رسوم ايجارات الأراضي وأملاك الدولة وهناك الكثير من الفواتير القديمة مقدر قيمتها بالملايين ولم يتم دفعها ولو الحكومة جادة لطبقت الكروت الذكية على البيوت.
الحرمي: وهل يمكن تطبيق الكروت الذكية للكهرباء دون وجود جهاز كفء قادر على احلال العدادات القديمة بالعدادات الحديثة والعمل على توفير اصلاحات تساعد الحكومة على التحصيل.
هل كان مجلس أمة 2013 معبرا عن آمال المواطنين؟
السيف: مجالس الامة في بداياتها كانت قوية وكان هناك توازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وكان هناك اهتمام من قبل الحكومة والمجلس على اصلاح البلد والمواطن. وفي المجالس الحديثة للأسف قدم بعض النواب الى المجلس وهمهم الأول تحقيق مصالح ذاتية على مصالح الشعب وتكوين شركات والسعي وبقوة لتحقيق مصالح فئوية على حساب الناس وتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة وهو ما جعل المجالس النيابية تبتعد تماماً عن مصالح المواطنين والبلد. وهناك الكثير من الشركات في العديد من القطاعات الاقتصادية مملوكة لأعضاء مجالس أمة سابقين ويعملون فقط في الحصول على المناقصات والحصول على العمولات فقط. والدولة تسعى لاتمام الأمور السياسية فقط دون اصلاح اقتصادي حقيقي ولو أن الدولة جادة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية لكانت هناك نتائج أفضل وآليات تنفيذية قادرة على العمل. ولابد أن يكون هناك اصلاح حقيقي.
هل حل مجلس الأمة سيكون مدخل للاصلاح المالي؟
السيف: في اعتقادي الحل بعيد عن الاصلاح المالي ولكنه جاء لوأد الاستجوابات التي كانت مقدمة لوزير المالية أنس الصالح ووزير العدل والأوقاف يعقوب الصانع من جهة والعمل على تفويت الفرصة على المعارضة لعدم الاستعداد لدخول مجلس الأمة. وفي اعتقادي أن مدخل الاصلاح الاقتصادي يعرفه الجميع إلا أن المصالح السياسية وطغيانها هو من يؤثر على القرارات الاقتصادية. ولعلني لا ابالغ أن وزير التجارة والصناعة دائماً محسوب على غرفة التجارة وبالتالي من يتحكم في معظم الاقتصاد بالدولة هي غرفة تجارة وصناعة الكويت وتنفيذ القرارات الاقتصادية رهن بموافقة الغرفة.
بورسلي: في رأيي أن الاصلاح المالي والاقتصادي في البداية والنهاية قرار حكومي ولا علاقة للمجالس التشريعية به وإنما هو قرارات تنفيذية تتخذها الحكومات وفقاً لرؤية حقيقية وواضحة.
لا رؤية لإصدار السندات لتمويل عجز الميزانية
طرحت د. أماني بورسلي رؤيتها حول مدى جدوى اصدار السندات لتمويل عجز الميزانية فقالت أن اصدار الدولة للسندات يأتي في وقت تعتمد فيه الكويت على مصدر واحد للدخل وهو النفط وليس لديها خطة لتنويع مصادر الدخل وتعاني من عجز مالي وبالتالي فإن تراجعات النفط بشكل حاد يمكن تحويلها من دولة تعاني من عجز في ميزانيتها إلى دولة مديونة وليس هناك رؤية لاصدار السندات مثلما هو موجود في السعودية التي أصدرت سندات وكان حجم التغطية لها كبيراً لأنها تمتلك رؤية حقيقية ولديها رؤية لتنويع مصادر الدخل.
خلل اقتصادي واضح..
وتعيينات الوزراء بالمحاصصة
وقال حامد السيف أن هناك الكثير من الاختلالات في الإدارة الاقتصادية وأن تعيينات الوزراء عادة ما تتم وفق المحاصصة وليس وفق معيار الكفاءة وأن تلك الاختيارات ومعاييرها هي السبب وراء ضياع الجهود المبذولة من قبل البعض الراغب في تحسين وتطوير الأداء الاقتصادي.
نصيحة للناخبين والمجلس القادم والحكومة
– بورسلي: اقول للناخبين عليكم ان تبحثوا عن الاغلبية ذات الحس الوطني والقادر على حماية المواطنين من العبث الاقتصادي وزيادة قدرات الدولة الاقتصادية وهناك خطابات من صاحب السمو امير البلاد تؤكد على ضرورة توجه الناخب لاختيار الأصلح.
– السيف: ليس هناك شخص يحب هذا البلد ويقوم بالترشح لانتخابات مجلس الأمة، فالكل لديه أجندة بعيدة كل البعد عن مصالح الوطن وإن ركز عليها في فترة الترشح والكلام الانتخابي لجلب عطف الناخبين ماكو خير فيمن يترشح لتلك الانتخابات وفي اعتقادي أن الحكومة تشجع النواب على ذلك بمنح العطايا يميناً ويساراً.
– الحرمي: أقول للحكومة أمراً واحداً نفذوا تعليمات صاحب السمو بتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري وعليكم أن تكونوا على قدر المسؤولية.
في مقدمتها وقف المساعدات ومراجعة القيمة التجارية لأملاك الدولة
حلول الأزمة الاقتصادية.. قوة تنفيذية وتشريعية
طرح المشاركون بالديواينة حلولهم لما تواجهه الكويت من أزمات اقتصادية فجاءت كالتالي:
– بورسلي: البداية من وجود مجلس تشريعي قوي يعبر عن آمال الناس وتطلعاتهم وأن يكون لديه رؤية جادة في الخروج من الأزمات الاقتصادية الراهنة سيكون الأمر مختلف تماماً، ولو وجدت معارضة قوية لا تتعامل على أساس شخصاني وتعالج سلبيات بعض قرارات المجلس السابق، فهذا في اعتقادي سيؤدي إلى مجلس قوي. وفي حال عودة مجلس 2013 فلن يكون هناك اصلاح حقيقي في البلد وسيكون هناك مشروع خصخصة على الطريقة الكويتية وسيكون فاشلاً وسيدخل الاقتصاد في نفق مظلم.
– السيف: في اعتقادي أن الحكومة كانت لديها فرصة ذهبية لتحقيق الاصلاحات الاقتصادية المطلوبة خاصة مع المجلس السابق الذي كان يقف مع الحكومة قلباً وقالباً ولكن ليس هناك ارادة سياسية أو ادارة سليمة لديها القدرة على التعامل مع الأزمات الاقتصادية التي تعانيها البلد. ولو الحكومة جادة في التعامل مع تلك القضية لنفذته من سنوات. وفيما يتعلق بخطوات الاصلاح العملية ففي اعتقادي أن موظفي الحكومة الحاليين لا يصلحون لتنفيذ أي خطة تنموية ويجب خلق إدارة قوية قادرة على تحقيق معايير الاصلاح بمراجعة القوانين الموجودة ومعرفة الخلل فيها والسعي لتطبيقها بشكل سليم عبر تكوين جهازين اقتصادي واداري في الاصلاح.
– بورسلي: من بين الأمور المهمة التي من المفترض اتخاذها وقف المساعدات الخارجية بشكل مؤقت لمواجهة عجز الميزانية ويجب مراجعة القيمة التجارية والرسوم لأملاك وأراضي الدولة ومنع تحميل المواطنين أعباء اضافية والسعي لمتابعة استخدام أراضي وأملاك الدولة ومدى مساهمة من يمتلكونها في الناتج المحلي للدولة. وفي اعتقادي أن الهندسة الاقتصادية تتطلب حلولا ابداعية وليس حلول تقليدية.
– السيف: كل ما تحدثنا فيه من اصلاحات كل الوزراء ومعظم أعضاء مجلس الأمة يفهمونه جيداً ولكن الاشكالية التي يجب مواجهتها ومعرفة الإجابة عليها، هل الدولة جادة في التعامل مع ملف الاصلاح الاقتصادي أم أنها ليست مهتمة به لأن الحل لجميع المشكلات الاقتصادية تتوقف عند التنفيذ وليس التشريع، فمجلس الأمة المنحل كان من أكثر المجالس تعاوناً مع الحكومة وأصدر تشريعات اقتصادية كثيرة ولكنها لم تنفذ لأن الحكومة صاحبة القرار هي السبب في غياب الجدية اللازمة لتطبيقها. وهنا يجب الانتباه إلى أن الدولة تقوم باستهلاك مواردها المالية من أجل الحاضر على حساب المستقبل وهو أمر سيؤثر بلا شك على مستقبل الأجيال القادمة ولن يجدوا أي مستقبل اقتصادي في ظل استمرار الدولة في حرق مواردها الاقتصادية دون سبب حقيقي.
– الحرمي: قبل الحديث عن حلول اقتصادية واقعية علينا أن نطرح سؤالاً في منتهى الأهمية وهو هل الاقتصاد الكويت يعاني فعلاً أم لا؟ وإن كان هناك عجز مالي فعلي لماذا وصلت ميزانية العلاج في الخارج إلى 600 مليون دينار. وعن مجلس الأمة القادم في اعتقادي أن ترضيات الناخبين أهم بكثير من الاصلاحات الاقتصادية في فكر الأعضاء. فهناك من المواطنين من يبحث عن وظيفة وآخر عن علاج في الخارج وثالث يبحث عن مزرعة وهذا هو كل ما يهم الناخبين ليس أكثر من ذلك أو أقل. وأعود مثلما بدأت في حديثي خلال الندوة إلى الحديث عن الهدف الذي حددته الدولة منذ سنوات ولحكومات متعاقبة وهي منبثقة من رغبة صاحب السمو أمير البلاد في تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري وهو الأمر الذي لم يتم خلال الفترات السابقة وللأسف لا يوجد في الأفق ما ينبئ بخطط جادة لتنفيذ تلك المقترحات والأهداف في المدى الطويل وهي رغبة صاحب السمو أمير البلاد.
– بورسلي: لدينا مشاريع تنموية مليارية مدرجة في خطة التنمية ولا يمكن بأي حال من الاحوال الاقتناع بأن تلك المشاريع مثل مترو الكويت أو السكك الحديدية يمكنها أن تعزز من التنمية في وقت تعاني الدولة من عجز مالي. وفي اعتقادي أن تلك تلك المشاريع قد يكون تأجيلها ضرورة في الوقت الحالي بسبب وجود عجز مالي.