ديوان الخدمة المدنية بين النظرية والتطبيق

صدر المرسوم رقم »15« لسنة »1979« في شأن تنظيم الخدمة المدنية وما يتعلق بالمبادئ الأساسية للخدمة المدنية وفي المادة »4« منه ينشأ مجلس يسمى مجلس الخدمة المدنية يكون برئاسة رئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه الرئيس في ذلك ويعمل في اطار السياسة العامة للحكومة على تحديث الادارة العامة وتطوير نظم الخدمة المدنية في الجهات الحكومية ورفع كفاءة العاملين فيها وللمجلس ان يشكل لجانا سواء من اعضائه او من غيرهم لدراسة او متابعة الموضوعات التي يحيلها اليها.
وفي المادة »5« منه يختص المجلس بوضع السياسات العامة المتعلقة بالتطوير الاداري في الجهات الحكومية بما يكفل تنظيمها وتخطيط القوى العاملة فيها وتنميتها وكذلك تطوير نظام التوظف وغيرها من مجالات الخدمة المدنية كذلك العمل على تطوير التنظيم الاداري للدولة وابداء الرأي في تحديد اهداف الوزارات والادارات العامة واختصاصاتها وتنظيمها وسبل التنسيق ومنها اقتراح السياسة العامة للمرتبات والاجور بما يكفل التنسيق بين الجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة والشركات التي تساهم فيها الدولة بأكثر من نصف رأسمالها.
ويختص المجلس ايضا اقتراح مشروعات القوانين وانشاء الهيئات والمؤسسات العامة واصدار التفسيرات الملزمة للجهات الحكومية واقتراح النظم الخاصة بالرقابة على الاداء ومتابعة نتائجه والكشف عن معوقاته والاستعانة بالبيوت الاستشارية المتخصصة في مجال تنظيم الادارة والاتصال بالجهات العلمية وتشجيع البحوث والدراسات في هذه المجالات، هذه مقدمة ضرورية لمعرفة دور الخدمة المدنية بالقانون، وهل كل هذه الصلاحيات التي اعطيت له تتماشى مع الواقع؟ ان كل هذه الصلاحيات والمسؤوليات المعطاة له لا تطبق في واقع ما نراه في الجهات الحكومية والتابع لها، حيث ان الحالة الحالية للعمالة في الاجهزة الحكومية تعطي مؤشرات خطيرة وليس هناك تصد لها من الجهات المسؤولة في الدولة حيث انها تمثل المخاطر التالية:
أولا: تشير مخرجات التعليم المستقبلية الكبيرة والتزام الدولة في ايجاد الوظائف، وما ينتج عن ذلك من تكدس للعمالة المقنعة والسافرة في الدولة ما يعيق العمل ويخل بالانتاجية كما اشارت لها كثير من الدراسات المحلية والدولية.
ثانيا: الهجرة المعاكسة للعمالة من القطاع الخاص الى القطاع العام بسبب الزيادة غير الطبيعية بالرواتب الحكومية والتي تفوق ما يعطيه القطاع الخاص.
ثالثا: فشل نظام دعم العمالة من الدولة في القطاع الخاص واهدار كثير من الاموال من دون نتيجة واضحة لذلك النظام بل استغل من كثير من المؤسسات الخاصة بطرق غير عادية.
رابعا: ليس هناك أي بادرة لتوجيه مخرجات التعليم بما يتماشى مع حاجة القطاع العام لها.
خامسا: ليس هناك أي تفكير بوضع خطط طويلة الاجل للاحلال عن طريق مخرجات التعليم الموجه للدارسين في الدولة.
سادسا: ان سياسة التكديس للموظفين في جميع الوزارات والهيئات الحكومية ووضع كثير من الخريجين في وزارات أو مسؤوليات لا تتماشى مع اختصاصاتهم.
سابعا: كل ذلك سيكون عبئاً كبيراً على ميزانية الدولة وكلما استمررنا في نفس السياسة سنواجه خطر ان يكون جميع دخل الدولة موجهاً لباب الرواتب. فما الحل: الحل ان تتخلى الدولة في ان تكون راعية لكل شيء وان تنتهج سياسة مستقبلية في تخصيص كثير من اجهزة الدولة والتعاون مع القطاع الخاص على وضع برنامج زمني مبني على الناحية العلمية وعلى تجارب الدول الاخرى الناجحة في ذلك كما هو في بريطانيا في عهد رئيسة الوزراء تاتشر. وفي النهاية ومع الظروف المنظورة وفي ظروف ديوان الخدمة المدنية والسير في نفس السياسة السلبية للموضوع فإن الامور لا تبشر بالخير وعلى اصحاب القرار التفكير في الموضوع والتخلي عن التعيينات عن طريق المحاصصة للقوى السياسية والتجارية في الدولة والبدء بوضع الأسس الفنية والعملية لاصلاح الخلل الموجود لما فيه مصلحة البلد الطيب.
والله المستعان

Previous Post
هل دور الفتوى والتشريع استشاري أم إلزامي؟
Next Post
قانون المناقصات ومصلحة الدولة
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300