سياسة البطالة المقنعة… إلى أين؟

إن قياس أي دولة في تقدمها الاقتصادي والاجتماعي يقاس بمدى استيعاب مواطنيها في القوى العاملة في المجتمع مع رفع قدراتها وإنتاجيتها الى أعلى حد، بحيث يكون مردود أدائها الاقتصادي والاجتماعي على الدولة كبيراً ويخلق توازناً بين الاستهلاك والانتاج ويترك فوائض مالية تخدم مشاريع الدولة الحاضرة والمستقبلية، كما انها تعمل على إعداد المشاريع التوسعية والجديدة لاستيعاب مخرجات التعليم القادمة الى قوى العمل في الدولة، هذه أسس الدولة الناجحة التي تفكر الى الأمام بخلق فرص عمل حقيقية لمواطنيها، ما يخلق الاستقرار الحقيقي المنتج للقوى العاملة في الدولة ويعمل على خلق الدولة المدنية الحديثة المستدامة، هذه مقدمة لأسس استيعاب القوى العاملة في المجتمع وخلق فرص مستمرة ومنتجة لها وتتماشى مع مخرجات التعليم المخطط لها ولحاجة قوى الإنتاج لها في المجتمع، فماذا عندنا في الكويت؟ ان تركيبة القوى العاملة في الكويت غير موجودة في كثير من دول العالم من حيث ان الدولة توظف أكثر من 80% من القوى العاملة ومستمرة في التعيين بدون أي هدف لتوظيفها ودون وضعها في تخصصها الذي قضت معظم حياتها في دراسته، والدولة ملزمة بتعيين المواطنين حتى بدون الحاجة لهم في العمل، ما يخلق بطالة مقنعة ومستمرة بدون توقف أو تفكير في هذه الحالة المدمرة والتي انتاجيتها متدنية الى درجة غير عادية، كما وصفتها الجهات الرقابية العالمية بأنها لا تتعدى 22 دقيقة في اليوم، هذا ما عندنا في الكويت من تفشي ظاهرة البطالة المقنعة الفاحشة، وواقعين في فخ تلك الظاهرة وليس هناك أي بوادر تشير الى وضع خطط للخروج منها، والسؤال الملح: ما العمل؟ ان الحل لهذه الظاهرة له أسس وقد طبقته كثير من الدول الناجحة في استيعاب القوى العاملة وتوجيهها الى عمل منتج لاقتصادها واستقرار مجتمعها عن طريق عدة مفاهيم علمية ومدروسة، لذلك فالحل عندنا ممكن عن طريق إحلال العمالة الوطنية مع التدريب الجيد محل كثير من العمالة الهامشية المستوردة وتصحيح التركيبة السكانية، وكذلك معالجة مخرجات التعليم لتتوافق مع متطلبات العمل عن طريق وضع الأسس والمعايير لتلك المخرجات، كذلك العمل مع القطاع الخاص لوضع خطط واضحة لاستيعاب مخرجات التعليم مبنية على العدالة في التعامل مع القطاع الخاص المبني على الربحية والاستقلالية، وهذا التعاون بين الدولة والقطاع الخاص المبني على أسس علمية وفنية وتحت رقابة ودعم متوازن لإنجاح سياسة مشاركة القطاع الخاص في أخذ المبادرة في استيعاب القوى العاملة وتخفيف العبء عن الدولة وإخراجها من ورطة البطالة المقنعة. وهذا لا يكون الا عن طريق خصخصة كثير من خدمات الدولة من تعليم وصحة وكهرباء ومواصلات وكثير من الهيئات غير السيادية ودعم القطاع الخاص، لاستيعاب مرحلة التخصيص المدروس والمعتمد على الأسلوب العلمي والفني الذي اتبعه كثير من الدول ونجح في ذلك. وهناك كثير من الأعمال الحكومية الممكن خصخصتها في مراحل مختلفة والتي تتماشى مع خطط الدولة لوضع حد للبطالة المقنعة والارتقاء بمخرجات التعليم المطلوبة.
وفي النهاية فإن البطالة المقنعة في الكويت تحمل مخاطر مستقبلية على الدولة في النواحي المالية وتوازن الميزانيات المستقبلية وعمق وضعف الانتاجية وإحباط للجادين في العمل لتأثير البطالة المقنعة فيهم، لذلك ولمستقبل البلد وأجياله القادمة يجب التسريع في وضع الخطط المطلوبة لإنقاذ البلد من النتائج غير السارة وحتى لا نقع في المحظور في القادم من الأيام، راجياً ان تكون معالجة تلك البطالة المقنعة بسرعة لأن عامل الزمن ليس في صالحنا وتحقيق متطلبات التعيين المستقبلية لما فيه صالح هذا البلد المسكين الطيب. والله المستعان.

Previous Post
الحكومة والإدارة
Next Post
الإدارة الحقيقية للتنمية
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300