لماذا لا نفكر صح؟
إن أي دولة تمر بمرحلة اختلالات اقتصادية وتعليمية وصحية وخدمية يكون بسببين اما أن تكون الدولة فقيرة وليس عندها امكانيات وموارد تمكنها من الصرف لتصحيح الاختلالات وهذه حالة لا تمر بها إلا الدول الفقيرة من قلة الموارد والامكانيات وهذه حالة صعبة في اتخاذ القرارات المهمة والمطلوبة لتصحيح الاختلالات مع أن بعض تلك الدول نجحت في التوازن الاقتصادي لوجود إدارة جيدة لتحقيق أهداف البلد المطلوبة.
أما السبب الثاني ان تكون الدولة غنية بمواردها وامكانياتها وهي تمر باختلالات غير مسبوقة من جميع النواحي اقتصادية وتعليمية وصحية وخدمية ومرورية وبيئية وفشل في تحقيق أهداف البلد التنموية وفي تصحيح الاختلالات المطلوبة، لذلك ومن هذين المثالين كيف نسقط ذلك على الكويت؟
ان الكويت بلد غني وعنده كل الامكانيات المادية والمعنوية التي يطبق عليها المثل الثاني كما جاء في مقدمة المقالة من حيث انها فشلت في تصحيح الاختلالات المطلوبة وذلك بسبب تأخر الاقتصاد الكويتي، وصار مرضاً مزمناً بامتياز، وصارت السياسة اللاعب الوحيد في البلد وشغلت مساحة واسعة من الاهتمام خلال سنوات طويلة، واتساعها صار سبباً رئيسياً في الفشل الحالي للاقتصاد وتعثر التنمية الحقيقية وعمق الاحساس عند الناس بالاحباط وفقدان الأمل وتمني شريحة واسعة من المواطنين العودة قبل بداية الديمقراطية التي انحرفت عن اهدافها ومبادئها التشريعية والرقابية ويمكن تفسير ذلك بأن الديمقراطية كان يجب ان تلعب على تحقيق الرفاهية الاقتصادية للمواطنين ولكن ما حدث ان التنظيمات القبلية الحزبية والدينية السياسية ومركز القوى حولت الوطن الى وسيلة والديمقراطية الى غاية سياسية، وبالتالي فقد الاقتصاد كثيراً من مزاياه وتراجعت المؤشرات الاقتصادية والتعليمية والصحية والخدمية وزادت معاناة الناس، ودخل الاقتصاد دائرة جهنمية يصعب الفكاك منها، وربما كان هذا احد مخططات المتنفذين ليسهل التحكم الجشع باقتصاد البلد والغرف منه من دون رحمة والتفكير بمستقبل هذا البلد المسكين، وكل هذه المعطيات تضع الحكومة امام تحديات جمة وحل هذه التحديات أو وضع رؤية اقتصادية شاملة لتصحيح الاختلالات للتعامل معها لتكون بمثابة المحك الرئيسي لمستقبل هذا البلد ورفاهية مواطنيه لان الاقتصاد هو الذي يحكم ويتحكم وهو الذي يحدث مستقبل هذا البلد ورفاهية المواطن ومستقبل ابنائه لذا فان الملف الاقتصادي والتعليمي والصحي والخدمي والبيئي والمروري من أهم الملفات على طاولة الحكومة وتحتاج الى كثير من الخبراء والفنيين لوضع برامج عاجلة للتعامل مع عدة قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت وابرزها ملفات البطالة والبطالة المقنعة ومخرجات التعليم المستقبلية، والتأخر في برنامج التخصيص المهم في التعليم والصحة والخدمات العامة، وميكنة النظام الاداري لراحة وتقدم البلد.
ان تأخر هذه البرامج الجدية سيضع البلد ومستقبل ابنائه في الطريق الصعب المجهول، لذلك ليس لدينا حل غير التوقف والتأمل بوضعنا الحالي والمزري والمحبط والتفكير الجاد بالاقتصاد الوطني المنتج في تنمية هذا البلد ووضعه في الطريق الصحيح قبل فوات الآوان، وخصوصاً ان عامل الزمن ليس في صالحنا وليس امام الحكومة غير خلق الادوات الضرورية لمعالجة الوضع والانطلاق للمستقبل خصوصاً اننا نملك كل الأدوات المادية والمعنوية لذلك فماذا يمنعنا غير التخلي عن الافكار والمناهج الحالية التي تلعب وتتفنن سياسياً وتهمل الأمور التنموية الحقيقية المطلوبة للاقتصاد الوطني فالاقتصاد القوي يخلق حالة سياسية قوية مستقرة ويحمي الدولة وابناءها واجيالها المستقبلية في ايجاد دولة مدنية حديثة مستدامة.
ان هدف هذه المقالة التحذير مما نحن فيه من تراجع في كل المؤشرات الاقتصادية بشهادة المؤسسات العالمية والمحلية وليس أمامنا غير تغيير الفكرة والمنهج السائد الى المنهج والفكر الاقتصادي العلمي المدروس والتخلي عن اللعب بالسياسة الخطرة المعتمدة على الاحتواء والمحاصصة والتي تؤدي الى زيادة خراب البلد ومستقبله ومستقبل اجياله القادمة، انها دعوة لتصحيح الوضع لما فيه خير هذا البلد الأصيل الطيب والله المستعان.