ليس للكويت غير الخيارات الصعبة لمستقبل اقتصادها
تعد الكويت من الدولة الغنية وقوتها الاقتصادية عالية مقارنة بكثير من دول العالم، وتعود أسباب ذلك إلى نصيب الفرد المرتفع من الناتج المحلي الاجمالي الذي يعد مقياساً أساسياً يستخدم في تقييم القدرة والاستعداد على الدفع وعلى امتداد السنوات منذ عام 2004-2008 بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في الكويت لجهة القوة الشرائية قرابة 38 ألف دولار أميركي بحسب صندوق النقد الدولي، وجاءت الكويت بالمرتبة الحادية عشرة على مستوى العالم، وتمتلك الكويت موارد نفطية عالية من خلالها حققت فوائض مالية في الميزانية السنوية نتيجة ارتفاع عائدات النفط، والتي تشكل معظم ميزانية الدولة، والكويت تمتلك خامس أكبر صندوق سيادي في العالم الذي أسس عام 1953، ويمتلك ما يقارب 215 مليار دولار من الأصول تعادل 140٪ من الناتج المحلي تقريباً، وتصنف وكالة موديز لخدمات المستثمرين الصادر عام 2009 عن القوة الاقتصادية للكويت بالتصنيف العالي جداً، أما تصنيفها للقوة المؤسساتية وحساسية الاقتصاد تجاه الأحداث الخطرة ضمن التصنيف المعتدل.
أما تصنيف الكويت فيقع في المرتبة 65 عالمياً في مؤشر الفساد والحوكمة للبنك الدولي بين 61-72 وفعالية الحكومة 63 وجودة الجهاز التنظيمي 61، وسيادة القانون ومكافحة الفساد 72 ومعدل النمو ارتفع مع ارتفاع أسعار النفط فكان في عام 2003 »5.3٪«، وانخفض في عام 2009 إلى 1.5٪، وصاحب معدل النمو ارتفاع معدل التضخم ولم يصحب ذلك انخفاض النمو، أما موضوع العمالة فالقطاع الحكومي يستوعب 78٪ من مجموع القوى العاملة في عام 2008، بينما يشغل 17٪ من الكويتيين وظائف القطاع الخاص وهذا يعتبر رقما صغيرا مقارنة بالعمالة الأجنبية في القطاع الخاص والذي يصل إلى 1.2 مليون موظف غير كويتي ومثله في الحكومة.
هذه مقدمة تشرح واقع الاقتصاد الكويتي ومكوناته لنرى ما هي عيوب ذلك الاقتصاد في اعتماده على مصدر دخل رئيسي وحيد حيث تشكل مدخلات النفط حوالي 95٪ من الايراد الاجمالي للدولة وهذا يجعل الكويت أكثر الدول في الشرق الأوسط اعتماد اقتصادها على النفط وهذا يضع الاقتصاد الكويتي عرضة للتذبذب حسب أسعار النفط العالمية ورغم محاولات ايجاد طرق لتنويع الدخل إلا أنها لم تحقق مرادها بسبب الايرادات غير النفطية التي لم تتجاوز 9٪ بأفضل حال منذ عام 2004، وتصنف وكالة ستاندر أندبورز الكويت في أقل مراتب التنويع الاقتصادي في الدخل.
كما يعاني كل من قطاعي الاستثمار والصناعة عدداً من المعوقات التي تحد من تطوره في الكويت ومن أهم المعوقات صعوبة ممارسة الأعمال والبيروقراطية في انشاء الشركات ما يفقد الكويت المنافسة في انشاء وسط مشجع للاستثمار مقارنة بالدول المجاورة، كما تساهم تعقيدات الدخول للكويت وتشجيع المستثمر الأجنبي القصور في التشريعات في قوانين الشركات إلى جعل الاقتصاد الكويتي طارداً للاستثمارات الأجنبية، فحلت الكويت في المرتبة الأخيرة بين دول الخليج من حيث قيمة التدفق للنقد الأجنبي وتقدر قيمة الأموال المهاجرة من الاقتصاد الكويتي بـ 6 مليارات دولار في عام 2010، ما جعل الكويت الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا التي تعاني من تدفق سلبي للاستثمارات الأجنبية المباشرة كما يواجه القطاع الصناعي مشاكل في تنظيمه وعدم توافر الأراضي الصناعية المناسبة كما هو حاصل في الدول المجاورة.
هذا تحليل شامل للاقتصاد الكويتي والذي يوضح كثيرا من الاختلالات الخطيرة والتي انعكست على كثير من المؤشرات السلبية التي يجب النظر في علاجها والتفكير المهم لمستقبل اقتصادنا وانعكاسه على ايرادات الدولة في المستقبل لأي متغيرات في أسعار النفط أو خلق بدائل للطاقة.
ان الكويت على مفترق طرق بين التفكير للحياة في المستقبل أو المجهول للدولة وانعكاسه على المجتمع.
ان ما يهم في هذه المقالة هو التذكير بالواقع الذي لن يوصلنا إلى ما نريد ان نكون دولة واضحة المعالم في اتجاهها الاقتصادي لتحقيق المستقبل والحلم في أن نكون مركزا ماليا وتجاريا في المنطقة لأن الدول المجاورة قد سبقتنا بسنوات كثيرة في هذا المجال ويجب ان نأخذ الخيار الصعب للتوجه الاقتصادي للبلد ومستقبله.
وفي النهاية ليس هناك مجال للنقاش أو الحوار في هذه المواضيع نريد العمل العمل العمل لصالح هذا البلد الطيب.
والله المستعان.