ما هكذا يدار السوق المالي!
الأسواق المالية الناجحة في العالم تدار بأسس ومفاهيم فنية معروفة تدرس وتطبق بدون أي تدخلات من أي طرف له مصلحة خاصة في إدارة أو المشاركة في وضع القوانين التي تحكم السوق المالي، لذلك الحيادية والحوكمة في قوانين السوق من أسس الأسواق المالية الناجحة في العالم لهذا نراها منفتحة على العلم وتجذب كثيرا من الشركات العالمية في الإدراج والتمويل المالي، ومن هنا ظهرت أسواق متخصصة وأدوات مالية مختلفة تلبي احتياجات المستثمرين من جميع أنحاء العالم بحيادية وتنافسية عالية الجودة، هذه الأسس والمفاهيم المتعارف عليها في الدول المتقدمة ماليا واقتصاديا،فماذا لدينا نحن في الكويت؟
الكويت من أولى دول الخليج العربي التي أنشأت السوق المالي وكانت بدايتها جيدة لبعض الوقت باجتهاد المؤسسين وزاد الإقبال عليها من المستثمرين وحجم المعاملات واستبشر الناس بالسوق والاستثمار فيه من جميع طوائف المجتمع المتعلمة وغير المتعلمة وبعفوية لتحقيق المصالح المالية لهم حتى تعقدت المصالح وبدأت مرحلة التلاعب والتخطيط لتوجيه السوق إلى المضاربة غير الشفافة في العرض والطلب للأسعار غير الحقيقية وتأسيس الشركات الورقية من كبار المتداولين لتوريط صغار المتداولين ما عمق المشاكل وأدخلنا في عدة انهيارات للسوق وآخرها سوق المناخ.. كل هذا حصل والدولة غائبة عن ذلك أو متفرجة بسبب تشابك المصالح. وبعد خراب البصرة تدخلت الدولة بطرق عشوائية غير عادية أربكت المتداولين وانهار البعض قسرا واستفاد البعض تدبرا.
وقلنا إن الدولة يجب أن تضع حلولا جديدة ليتماشى السوق مع المفاهيم الموجودة في الأسواق العالمية الناجحة وإذا بنا نرى أن الدولة غير جادة في الاتجاه الصحيح على الشكل التالي:
إنشاء هيئة أسواق المال بحيث يضع القطاع الخاص ذو المصلحة قانونها الجديد فكانت النتيجة وضع قانون على المستوى المحلي وليس على المستوى العالمي وصرنا سوقا محليا فقط وهو طارد للمستثمرين للأسباب التالية:
ملك القانون الجديد هيئة السوق كل موجودات السوق بدون سبب فني معروف ولأسباب غير واضحة لتوجيه السوق في المرحلة المستقبلية إلى طريق مجهول.
بسبب ذلك التملك صارت هيئة السوق تدير السوق بالكامل وهذه بدعة كويتية لم تكن موجودة في أي سوق بالعالم بأن هيئة رقابية تدير وتراقب السوق وتعمل على تخصيصه وهذا ليس من عملها ما أربك العملية بأكملها في السوق المالي وصار طاردا للمستثمرين.
كما انه في عدم تطبيق الأسس الفنية والقانونية على المقاصة لانسياب العمل مع السوق وشركات الوساطة وتأخرها في تطوير برامجها في ألا تأخذ فوائد على اموال المتعاملين لصالحها وهي من حقوق المتعاملين في العمل المالي والتجاري كما انها أربكت الوسطاء في عدم ايجاد البرامج المعروفة عالميا في اتاحة المعرفة لهم في الدخول على حسابات للعملاء لمعرفة الاسهم والنقدي الموجود لتغطية اوامر عملائهم بدل الأوامر المجهولة في تغطية الشراء والبيع.
كما ان موضوع «نازدك اومكس» كلف السوق 70 مليون دولار وهو حسب علمي برنامج فاشل بسبب طريقة التعاقد غير العادية وعلى الطريقة الكويتية وكيف تحسب قيمته عند التخصيص؟ ومن المسؤول عن فشله؟ وضياع أموال عامة في طريقة التعاقد الفاشلة، ومن هنا ماذا بقي للسوق لتخصيصه بعد أخذ المبنى والاموال والموظفين منه بالقانون حسب مواد القانون المعيبة 156 و157.
كما ان تأخر التخصيص ومازال السوق ملك الهيئة حتى بعد انشاء الشركة الجديدة وليس معروفا متى يحدد ذلك التاريخ الموعود كما ان الهيئة لم تعمل منذ إنشائها على تطوير السوق وتركته حسب رأيها للمستثمر الجديد او الشركة الجديدة وهي إلى الآن لم تحل مشكلة اركان السوق الثلاثي في انسياب العمل بينهم وأعني السوق والمقاصة والوسطاء.
وهذا يعني انتظار المجهول غير المعروف والمطلوب لنجاح السوق.. كما ان العجز في ميزانية الهيئة المتراكم الكبير الذي يسحب من احتياطيها الذي اخذ من أموال السوق حتى نفد ما اضطرها إلى تعديل قانونها وعمل ميزانية لها من الدولة وهو الموضوع الذي كنا نطالب به منذ سبع سنين. كل ذلك بسبب عدم وضع ميزانية من الدولة لها من البداية وهو لم يحصل إلا في الكويت ان توجد مؤسسة عامة ورقابية بدون ميزانية سنوية من الدولة.. إذن ما هو مطلوب لتصحيح السوق هو ان يتم تحويل موضوع خصخصة شركة السوق من هيئة السوق إلى هيئة الاستثمار لأنه عمل تجاري وليس عملاً رقابياً. بعد التحويل تطبق خصخصة السوق بالطرق الفنية التي تخدم توجه السوق في ان تكون الكويت مركزا ماليا وتجاريا في المنطقة بكل شفافية وإيجاد مستثمر استراتيجي عالمي لإدارة وتطوير السوق.
وأخيراً ليس هاجسنا غير أن نرى السوق المالي الكويتي اعاد نشاطه وأخذ موقعه بين دول المنطقة التي سبقته بسبب إهمال وتعمد من له مصلحة في وضع السوق في وضعه السابق والحالي.
إن الكويت ولادة بأبنائها في تحمل مسؤولية تطوير ورقي السوق المالي إذا ما أعطوا الفرصة في المشاركة وتحمل المسؤولية.
إن البلد يحتاج وبقوة إلى تجديد الدماء لانطلاق السوق المالي الكويتي إلى المستقبل المرجو من أجل هذا البلد الطيب المعطاء.
والله المستعان.