متى يبدأ الإصلاح الإداري؟

يعتبر الاصلاح الاداري من اهم الامور في الدولة لانه يضع الاسس والقواعد الملزمة للافراد لاتباعها دون النظر إلى أي عوامل اخرى فيها مصالح شخصية او نفعية تخل بتلك الاسس والقواعد والمدعومة بقرار سياسي جاد يضع الاسس الرقابية المحكمة لسير عملية الاصلاح الاداري بكل حزم يصاحبه تطبيق مبدأ العقاب والثواب في الردع او التحفيز. ولانجاح هذه العملية يجب جعل طرقها ووسائلها تتلاءم مع مرحلة التطور لتحسين كفاءة الجهات الادارية وفاعليتها ولتطوير قدرتها على التجدد مع متغيرات التقنية العلمية والتشريعية والاقتصادية الحديثة.
ماذا يعني الاصلاح الاداري؟ هل هو التغيير في آلية العمل أو في التركيبات الادارية الموجودة أم التغيير في التقنية العلمية والتشريعية أم أخيراً التغيير في الاشخاص العاملين في النظام الاداري؟ إن الإصلاح الاداري هو ذلك التغيير الشامل في العمل والتنظيم والاشخاص العاملين في الجهاز الاداري وتغيير وجهة نظر المجتمع تجاه الادارة وعملها حتى تنسجم مع الافراد العاملين في النظام الاداري. لذلك فإن الاصلاح الاداري لا يقصد به الاصلاح الاداري الاعتيادي والاصلاحات الترقيعية التي تصيب جانباً من جوانب الادارة وانما المقصود به تحقيق تحول شامل في الخطط وتغيير جوهري في الروح والفكر وفي تنظيم العمل وسلوكية العامل البشري الذي يعمل في الجهاز الاداري واسلوب ادائه لدوره في هذا الجهاز.
إن كثيراً من الباحثين في هذا المجال يؤكدون ان الاصلاح الاداري هو فكر وممارسة وان يكون متدرجاً وهو عبارة عن جهد مقصود ومتعمد يتكون من مجموعة عمليات مستمرة ترتبط فيما بينها لتكون جميعها النشاط الجذري الهادف الى التنمية الفعالة للجهاز الاداري للدولة. وعلى ذلك فإن عملية الاصلاح الاداري يجب أن تبدأ برحلة الاحساس والحاجة للاصلاح ومن ثم وضع الاهداف وصياغة الاستراتيجية ومن ثم تطبيق الاصلاح وتنفيذه وصولاً إلى تقويم الاصلاح لتتكامل مختلف المراحل فيما بينها لتحقيق الكفاءة والفاعلية في عملية الإصلاح وتأكيد أهمية الوعي والدقة والحرص لدى اختيار الوسائل التي ينبغي استخدامها والاستعانة بها في انجاح هذه العملية.
ويؤكد الخبراء في هذا المجال أن أولى الوسائل هي الوسيلة السياسية في دعم عملية الاصلاح الاداري عبر استخدام العمل السياسي بشكل واسع ومطلق في الإعلام والتطبيق لأجل تنفيذ الاصلاح وتطبيقه مع جميع الجهات المطبقة له. والعامل الثاني تخفيف القيود المفروضة على النظام الاداري او المعوقة لتطويره وخلق طرق فنية وعلمية حديثة لتحسين ادائه.
هذه مقدمة ضرورية لتعريف الاسس والطرق الفنية والعلمية لعملية الاصلاح الاداري، فماذا عندنا في الكويت؟ إن الجهاز الاداري في الدولة جهاز متهالك مر في الخمسين سنة الماضية بدون اي تعديل ضروري من النواحي الفنية والسلوكية التي تخدم الصالح العام في الدولة وهو يعتمد على تشريعات بالية ذات طابع بيروقراطي معتمد على المحاصصة في التعيين والرجل غير المناسب في المكان غير المناسب، ما خلق فوضى ادارية يستفيد منها اصحاب المصالح الشخصية. إن دولتنا الحبيبة لا تستحق هذا الاهمال الاداري الذي وضع الدولة في حرج امام العالم والاستمرار في العجز عن البدء في عملية الاصلاح. إن البلد فيه جميع العناصر التي تخدم عملية التغيير والاصلاح ولكن يحتاج الى الارادة السياسية الحازمة للسير في هذا الطريق المهم والصالح لبلدنا الحبيب. والله المستعان.

Previous Post
لا عذر للمجلس والحكومة
Next Post
مشكلة التنمية بين قطاعين «1-2»
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300