متى يكون لنا سوق أوراق مالية حقيقي؟
من أهم المفاهيم العلمية التي يعتمد عليها أي سوق مالي هو الاستقرار في قوانينه والشفافية في تعاملاته والرقابة المحايدة المستقرة والمتفرغة لعملها والمراعية لأدواتها الأساسية الا وهو السوق موظفوه وشركات الوسطاء وشركة المقاصة ومن دون استقرار الجهات الثلاث وهي الأركان الأساسية للسوق المالي ومدى استقراره وتقدمه والحرص على نوعية الشركات المدرجة في السوق من حيث أدائها التشغيلي بحيث يكون للشركة المدرجة موجودات حقيقية، مدرة للدخل بشكل منتظم ومستمر بشفافية كاملة، كذلك الملاءة المالية اي ان تكون الشركة قادرة على سداد التزاماتها او معدومة القروض وخاصة في الفترات القصيرة كما ان تكون للشركة المدرجة سيولة لسهمها كافية للتداول.
هذه أسس مهمة وضرورية لأي سوق مالي ينشد ان يكون متقدما ويخدم المتداولين واقتصاد الدولة، ويشجع المستثمر الاجنبي وترتفع التقييمات العالمية له.
فماذا عندنا نحن في الكويت؟
عندنا سوق يدار من القطاع الخاص حيث ليس له ميزانية من الدولة وليس عليه رقابة من ديوان المحاسبة وعندنا شركة مقاصة تدار من القطاع الخاص وليس لها ميزانية من الدولة ولا يشرف عليها ديوان المحاسبة ولا تتبع سوق الكويت للأوراق المالية وهي من المفروض ان تكون غرفة تقاص داخل السوق ولكن لم يحصل ذلك، وعندنا هيئة سوق أوراق مالية قانونها لا يخدم استقرارها وعملها الرقابي من حيث ليس لها ميزانية من الدولة وليس عليها رقابة من ديوان المحاسبة، وأدخلوها في قوانين تملك السوق ومبناه وخلق لها القانون مشاكل في التعامل مع موظفي السوق ومشاكل قانونية في تخصيص السوق وبسبب التركيبة التاريخية للسوق والأجهزة التابعة والمكملة له من حيث مروره بأزمات كبيرة بسبب عدم جدية التأسيس الجيد للسوق وخلق الادارة المحايدة له لذلك حدث كثير من المآسي والخسائر للمتداولين وبسبب عدم جدية الشركات الاستثمارية في السير في الطريق الصحيح ولم يردعها احد عن ذلك حيث اعتمدت على اصدار الشركات الورقية وادراجها في السوق وتوريط المتعاملين الصغار بها وكان تأسيسها برؤوس اموال عينية مقيمة بأسعار خيالية وغير طبيعية، في النهاية يتورط صغار المتعاملين بها والذين خسروا معظم مدخراتهم واتجهوا للدولة لحل مشكلتهم هذا وقد حصل تكرار لتلك المآسي والمتعاملين لايتعظون والاعتماد على الدولة يحل مشكلتهم في كل مرة يقعون ضحية الشركات الورقية المصدرة من شركات الاستثمار والتي كانت تعتمد على الأرباح من عوائد هذه الشركات وليس على العوائد التشغيلية الحقيقية لأساس انشائها.
لذلك سوف تتكرر المأساة اذا لم نتجه الى الأسلوب العلمي الحقيقي المحايد والشفاف في تنظيم السوق الآلي كما هو موجود في العالم.
ان الدولة اذا ارادت سوقا ماليا حقيقيا فيجب عليها اعادة تركيبة السوق المالي من حيث السوق والتقاص وحقوق الوسطاء الطبيعية واعادة تصحيح القوانين المنظمة لذلك السوق واتباع أسس المنظمات الدولية للرقابة على الأسواق والهيئات الرقابية »Iosco« حتى يصبح سوقا معترفا به من تلك الهيئات ويكون تقييمه جيد لحث المستثمر الأجنبي على المساهمة فيه، وتحقيق أمنية سمو أمير البلاد في ان تكون الكويت مركزا ماليا وتجاريا في المنطقة وتحقيق أمنية هذا البلد الطيب.
والله المستعان.