مرض المحاصصة في تخريب الإدارة الحكومية
ان فن الادارة هو علم من علوم النجاح لأي مجتمع سواء كان على مستوى الدولة أو مستوى المؤسسات الخاصة أو مستوى العائلة فهو الذي يحقق النجاح أو الفشل لكل هذه المستويات بالحياة. ففن الادارة أسلوب علمي متعارف عليه لتحقيق الأهداف المرجوة منه.
فالإدارة الحكومية متى وضعت الأسس السليمة لادارة وزاراتها ومؤسساتها في تطويرها على طريقة الفكر التنافسي القادر على مواكبة التطورات المتسارعة في الأدوات الادارية وجودتها التي تقدمها للغير واستمرارها لمستوى هذه الأدوات مع مواكبة ما يحدث من تطور في فن الادارة لتحسين الخدمات العامة المبنية على المساواة وتكافؤ الفرص وتحقيق العدالة الاجتماعية التي تؤدي الى الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وانعكاسه على الاستقرار السياسي المنشود الذي هو هدف أي مجتمع للتفرغ للتنمية وزيادة الانتاج الذي ينعكس على السلم الاجتماعي للدولة والمجتمع.
فنحن في الكويت لدينا كل المقومات المادية والعلمية لتحقيق ما ذكر أعلاه ولكن ماذا يمنعنا من تحقيقه؟
انه سؤال مهم ليترك لنا المجال في توضيح المعوقات التي تكبل الانطلاق في تحقيق الأهداف المطلوبة في تطوير الادارة الحكومية التي تزداد سوءا يوما بعد يوم ودخلنا في الدائرة الحرجة التي يصعب الخروج منها، فما الحل؟ الحل يجب ان نبدأ بتعريف الأسباب التي أخلت بالتركيبة الادارية لوزارات ومؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني »المعروفة بهيئات النفع العام« هذه الأجهزة أسست على نظام المحاصصة السياسية بين الحكومة والتجمعات السياسية من دينية وقبلية وتجارية أو طائفية وصار هدف الدولة ارضاء تلك الأطراف في تبوؤ المناصب الحكومية أو تركها تسيطر على هيئات النفع العام وصارت هذه الأطراف تحقق ما تريده لنفسها ولا تعبأ بمصالح الدولة.
والدولة ترعاهم وتيسر لهم ذلك حتى وصلنا الى انه مع كرم الدولة وضعفها صار هذا الموضوع يدخل في أمور الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة وصارت الأجهزة الحكومية تابعة بطريق غير مباشر لتلك التجمعات، فالوزير لا يستطيع التحكم في تصرفات كبار موظفيه بسبب التبعية لتلك التجمعات وليس للدولة، ووصل الأمر الى ان الوزراء في الدولة مكشوفون أمام تلك التجمعات في مجلس الأمة بسبب ولاء موظفي الدولة لتلك التجمعات في توصيل جميع أسرار الوزراء في عملهم لأعضاء مجلس الأمة حتى وصل الأمر الى ان موظفي الدولة يعملون بالاطاحة بالوزراء الجيدين عن طريق تواصل موظفيه مع اعضاء مجلس الأمة الذين لا يحققون رغباتهم.
ان هذا الطريق الذي تتبعه الدولة يجب ان يتغير لأن ما كان يصلح بالأمس في مجتمع صغير هادئ وظروف عالمية واقليمية مستقرة، لا يصلح اليوم ويجب وضع الأسس لتنفيذ ذلك واتباع الأسلوب الذي يقوي الدولة ويعمل على ولاء موظفيها لها وليس للتجمعات الأخرى.
وهذا الطريق ليس بالسهل بل يراد له تحقيق المبادئ العلمية في الادارة والاستعانة بالمستقلين المنسيين الذين لا يهمهم في هذه الدنيا غير حب البلد والاخلاص له ويرفضون طوال عمرهم الدخول في نظام الولاء للتجمعات فولاؤهم للكويت وهذا أدى في الماضي لحرمانهم من الدخول والولاء للدولة والدولة أهملتهم وركزت على نظام المحاصصة وتحويل مصالح الدولة لذلك النظام الذي كان سببا في تخريب النظام الاداري والمالي وانعكاسه على تدهور الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي فهل تأخذ الدولة الطريق الصحيح لانقاذ مصالح الدولة وارجاع حقها بالسيطرة على وزاراتها ومؤسساتها وهيئات النفع العام التي تصرف عليها الدولة وولاؤها ليس للدولة.
ان المطلوب فكر ومنهج جديدين لاعادة الولاء للبلد والدولة وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية والشفافية في العمل الحكومي وهذا المطلب يحقق معظم ما يتمناه أغلبية الشعب الكويتي الصامت.
ان البلد لا يستاهل ما يحصل له من هذا الوضع الذي لا يحقق أمنيات ابنائه ومستقبل أجياله.
فكلي أمل أن تنتفض القيادة السياسية في تحقيق أمنيات أبنائها ومنح مستقبل جديد لما فيه مصلحة هذا البلد الطيب.
والله المستعان.