ميزانية الدولة والتنمية ومخاطرها

كان لتصريح رئيس لجنة الميزانيات والحساب الختامي في مجلس الأمة مع صندوق البنك الدولي وعلى إثر تحذير الصندوق الدولي بأن الكويت ستواجه عجزاً في ميزانيتها بحلول عام 2018، ورد رئيس لجنة الميزانيات بأنه لا يحتاج الى التشخيص، فهو عنده أكثر من ذلك، ولكنه يريد حلولاً للمشكلة وصرح بأن المشكلة سياسية وليس اقتصادية، ولم نسمع من الحكومة اي رد على تصريح الصندوق الدولي، ومن هنا نسأل من المسؤول عن موضوع العجز في الميزانية، وهل هناك دراسة حقيقية من الدولة عن ذلك؟ ولتبيان الحقيقة سنستعرض الميزانية المعلنة للدولة لعام 2013 – 2014 على اساس 70 دولاراً لسعر برميل النفط وان الميزانية الجديدة تبلغ 21.5 مليار دينار وأن نصيب احتياطي الاجيال القادمة للسنة المقبلة، يبلغ 4 مليارات دينار وميزانية البابين الاول والخامس ودعم العمالة الوطنية والكوادر المالية لموظفي الدولة بلغت 10.3 مليارات دينار، علما بأن ميزانية الدعم الحكومي للخدمات العامة والتي من أبرزها الكهرباء والماء والوقود والتموين بلغت 5 مليارات دينار كما بلغت ميزانية الباب الرابع الخاص بالمشاريع 2.162 مليار دينار. هذه فكرة عن توزيع ميزانية الدولة في القطاعات المختلفة، وبتحليل بسيط لتلك الميزانية نرى أنها فعلا سوف تضع في الاعوام القادمة عجزا في ميزانية الدولة، ما يؤكد رأي وتحليل صندوق النقد الدولي بسبب زيادة المصروفات في الباب الأول والخامس الخاص برواتب موظفي الدولة وكذلك زيادة الدعم الحكومي للخدمات العامة من كهرباء وماء ووقود وتموين ومجموع تلك المصروفات يبلغ 17.5 مليار دينار من ميزانية حجمها 21.5 مليار دينار، وهذا مبلغ كبير يستحوذ على معظم مبالغ الميزانية، إن تنامي تلك المصروفات من خلال الكوادر والترقيات الجماعية في الأقدمية وانشاء الهيئات المختلفة وزيادة الدعم الحكومي سيضع الدولة في عجز في ميزانياتها المستقبلية بسبب عدم امكانية ايرادات الدولة النفطية الوفاء بتلك الالتزامات الكبيرة التي تتضخم عاماً بعد عام بدون الاكتراث للمستقبل ومخاطره، وهذا ليس كل شيء فلو اضفنا خطة التنمية وهي غير داخلة في الميزانية العامة للدولة وحجمها المعلن 135 مليار دولار وهذه الاموال الضخمة ستسحب بالتأكيد من مدخرات الاجيال القادمة فكيف يكون ذلك، وكيف نقيم ذلك مستقبلا؟ ان تضخم المصروفات وطرح خطة التنمية الضخمة والتي ستعمل على توسعة الصرف في الميزانية العامة للدولة ستؤدي الى العجز المتوقع من التقارير الدولية لذلك ان خطة التنمية الموسعة ستعمل على تضخيم الميزانية العامة بسبب بناء مدن جديدة وما بها من مدارس ومستشفيات ومرافق عامة للدولة، كلها ستحتاج الى عمالة وافدة كبيرة جديدة لحاجة تلك المشاريع لها، واذا اضفنا تلك العمالة للعمالة الموجودة وعددها 2.6 مليون وافد سنصل الى عمالة يكون عددها 5 ملايين وافد وهذا سيكون عبئاً جديداً على ميزانية الدولة من حيث ان الكلفة الحالية في الميزانية 17.5 مليار دينار وبالتالي مع خطة التنمية سوف نصل الى اكثر من 30 مليارات ميزانيات قادمة بعد تطبيق خطة التنمية، وخاصة ان الدولة تدير وتملك كل تلك المشاريع والمصاريف بدون أي دور للقطاع الخاص كما هو موجود في دول العالم في تحمل كثير من الاعباء بجانب الدولة، إن تحذير صندوق النقد الدولي حقيقي ويجب تجنب مخاطره والعمل على اصلاح الخلل ووضع الاسس العلمية والفنية في مواجهة تلك المخاطر قبل وقوع الفاس بالراس، والندامة في الوقت المتأخر، إن على الدولة ومجلس الامة التضامن في وضع البرامج والخطط لكبح المصاريف وخلق المناخ الاقتصادي والحقيقي للدولة المستقرة والمستدامة لما فيه خير هذا البلد الطيب.
والله المستعان.

Previous Post
تحذير من عجز الميزانية عام 2018
Next Post
الكل يتذمر ولا يعمل
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300