نظامنا الديمقراطي في الميزان

ان نظامنا الديمقراطي ولد في وقت وظروف صعبة من حيث ان جميع الدول المحيطة والعربية معظمها انظمة شمولية، وكانت تحارب التوجه الديمقراطي في المنطقة لذلك كانت الكويت سباقة في وضع الدستور الكويتي ونظامها الديمقراطي ليستفيد منها كثير من الدول المحيطة، وكانت هذه التجربة جيدة في بدايتها من حيث بدأ الناس يختارون ممثليهم في كثير من المجالس والهيئات والجمعيات وصارت هذه المجالس تدير جميع العمليات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، وبدأت عمليات المعارضة المنظمة في مجلس الامة لخلق التوازن في التشريع والرقابة للوصول الى خلق القوانين العادلة وتحقيق الرقابة على اعمال الحكومة، وكان هذا الحراك المتميز في ذلك الوقت يعد من اهم ما يميز الكويت في المنطقة والعالم ولكن لم تستمر هذه التجربة وصار هناك صعود وهبوط في اداء هذه المجالس وبدأت تكتلات جديدة تظهر في الافق من تركيبات قبلية وتجارية وفئوية ودينية سياسية وهذه التكتلات صار لها اجندات خاصة بها وتخدم تكتلاتها وهنا بدأت الديمقراطية تأخذ منحنى المصالح الشخصية باستعمال ادوات الديمقراطية في تحقيق مصالحها عن طريق وضع اللجان الخاصة المؤقتة وخلق الاسئلة والاستجوابات ليس لتحقيق غاية تهم البلد والمواطن بل لاحراج والضغط على الوزراء لتمرير الامور الخاصة لتلك التركيبات المختلفة وهذه الحالة كانت بداية انحراف الديمقراطية عن تحقيق اهدافها وهذا يبين ان المصالح الخاصة طغت على المصالح العامة وتفنن النواب في خلق الكتل لتحقيق غاياتها في ابتزاز الحكومة وتعاونت الحكومة في هذه اللعبة في اختيار المناصب المهمة في المجلس لاهداف معينة وتكتيكية لكسب المصالح ومن هذه الحالة صار نظامنا الديمقراطي قاصرا على تحقيق غاياته وصار هناك شد في اوقات واتفاق في اوقات اخرى وخرجت قوانين غير صالحة للتطبيق بل تخدم اتجاهات معينة لأصحاب بعض التكتلات وكانت مشكلة تلك التكتلات أنها ليس لها برامج واضحة ومعلنة لمحاسبتها على اعمالها وهي متقلبة حسب ظروف وتوجهات الحكومة وهنا بدأ الخلل في نظامنا الديمقراطي وصار يحتاج الى شيء من التعديل من حيث ان يكون لتلك التكتلات وضع قانوني واضح ومعلن لالزامها بوضع برامج محددة لها حتى يحاسبها المواطن من خلال تلك البرامج المعلنة وتصلح ممثلي الامة في السير في تحقيق البرامج المعلنة والزامها بذلك والا محاسبتها في صندوق الانتخابات التالية. لذلك يجب ان يكون هناك نظام حزبي واضح المعالم ويضع النواب في دائرة المحاسبة عن طريق متابعة تطبيق البرامج المعلنة لها ومن دون ذلك النظام سوف نستمر في لعبة المحاصصة والمصالح الشخصية وعدم الالتزام من النواب في شيء معلن ما يعطهم الحرية في اتخاذ المواقف المختلفة التي لا تخدم الوطن لذلك يجب التفكير في تعديل نظامنا الديمقراطي لتحقيق الغايات المطلوبة منه لما فيه مصالح الوطن والمواطن ولما فيه خير هذا البلدالطيب.
والله المستعان

Previous Post
الصرف الحكومي غير المنظم يعوق التنمية
Next Post
مذكزة غرفة التجارة والصناعة في الميزان
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300