هيئة سوق المال هل هي قطاع خاص أم قطاع عام؟

معظم الهيئات الرقابية في العالم المشرفة على أسواق المال هي هيئات حكومية من حيث التعيين والإقالة لقيادات تلك الهيئات وتخصص لها ميزانيات مربوطة بميزانيات الدولة السنوية وهي هيئات مستقلة في عملها الرقابي لحماية الأسواق المالية والمتعاملين بها وذلك لاستقرار وتنمية تلك الأسواق وهي أيضا هيئات لها وضعها الخاص ويعتبر مفوضوها بمنزلة القضاة الذين يراقبون الأسواق والمتعاملين من منظار محايد ويحقق العدالة والمساواة وانتظام الأسواق وتنميتها لتصبح البلد مركزا ماليا وتجاريا في المنطقة.
هذه مقدمة لما هو موجود في دول العالم من كيفية انشاء وأهداف هيئات أسواق المال فماذا لدينا في الكويت؟
ان انشاء هيئة أسواق المال في الكويت بدأ بإصدار قانون رقم ٧ لسنة 2010 وهذا القانون معظمه مواد تنظم عمل أسواق المال في الدولة وهذا ليس عليه غبار وليس عندنا مشكلة فيها وهذه مواد يمكن استمرارها أو تعديلها في المستقبل من خلال التطبيق الفعلي للقانون.
أما ما نتكلم عنه فهي مواد يصعب علاجها بعد نفاذ القانون وهي مواد أساسية تعطي الهيئة حرية غير طبيعية في التعامل مع مؤسسات الدولة وهذه المواد تضع الهيئة كهيئة رقابية تتبع ادارة القطاع الخاص وليس القطاع العام وذلك بالتحديد لبعض المواد والتي لا تتعدى »٥« مواد وهي مواد أساسية أخلت بالقانون وأربكت حتى مفوضي هيئة أسواق المال وقد تكلمنا وتكلم كثير من القانونيين والمهتمين بهيئة أسواق المال عن تلك المواد وضرورة تعديلها فما تلك المواد المراد تعديلها؟
ان المواد المراد تعديلها لتصبح هيئة أسواق المال في وضعها الطبيعي كما هو موجود في دول العالم هي المواد »18، 19، 21، ٣٣، 156 و157« وهذه المواد تتعلق بوضع ميزانية مستقلة للهيئة مربوطة بميزانية الدولة السنوية وإرجاع الرسوم التي تحصلها الهيئة الى خزينة الدولة كما هو في القانون وألا يكون للهيئة فوائض مالية تديرها بنفسها، بل ميزانية مريحة لتحقيق أهدافها، وأن تكون هناك رقابة مباشرة من ديوان المحاسبة على ميزانية الهيئة كما هو وارد في القانون ومراقبة الأموال العامة.
أما المادة »156« وهي من المواد الطارئة على القانون والمحرجة للهيئة نفسها فهي مادة من الأحكام الانتقالية بالقانون وهي تحويل كامل الأصول المادية والمعنوية لسوق الكويت للأوراق المالية الى هيئة سوق المال عند صدور هذا القانون وهذه بدعة جديدة بتحويل أموال ومبنى السوق للهيئة وهي أموال عامة لجهة ليس عليها رقابة من ديوان المحاسبة وهي فيها شبهة دستورية وهي أموال وعقار يجب ان تدار بطريقة تجارية وهي، أي الهيئة، تمنعها المادة »٤٢« بالقانون نفسه من العمل التجاري وهذا تناقض واضح وصريح بالقانون ومسؤولية من وضع القانون وتعقيده بهذه المادة الشاذة.
أما المادة »157« فهي أيضا مادة شاذة وغير عقلانية في تحويل جميع موظفي السوق الى موظفين في هيئة سوق المال فكيف يكون ذلك؟ ومن يبقى من الموظفين لإدارة السوق وهذه مادة لا أعرف كيف وضعت وقبلت في القانون ومن مسؤول عن وضعها ومن يتحمل مسؤولية ذلك؟
أما المادة رقم »٣٣« فهي مادة أخرى شاذة في تخصيص السوق من حيث انها مادة خاصة ليس لها مثيل في أي سوق في دول العالم والأسواق الأخرى عند تخصيصها فتوضع مواد قانونية تشترط وجود مستثمر استراتيجي يتحمل ادارة وتطوير السوق بما يتماشى مع ما هو موجود في العالم وكذلك السهم الذهبي للدولة للرقابة على سير العمل بحيث لا يتعارض عمل المستثمر الاستراتيجي في الدولة مع القانون او السيادة للدولة وهاتان المادتان غير موجودتين في القانون الحالي فلماذا؟
ان ما نطالب به من تعديل بعض مواد القانون ليس مطالبة للنقاش إنما هي مواد ضرورية لسير هيئة سوق المال في الطريق الصحيح وتخدم الاقتصاد الكويتي وسوقه المالي.
والسؤال المهم: من المسؤول عن هذا التعديل؟ هل مفوضو هيئة سوق المال أم وزير التجارة اي الحكومة ام مجلس الأمة؟ أعتقد هي مسؤولية جميع تلك الأطراف وعليهم مسؤولية تاريخية لتصحيح ذلك الوضع الذي اذا ما استمر فسيكون كارثة ومانعا من تحقيق أهداف هيئة سوق المال المرجوة.
ولذلك وللتاريخ وتحميل المسؤولية للأطراف المسؤولة عن وضع هيئة سوق المال الحالي بدون التحرك لتصحيح ذلك الوضع سوف يؤخر البلد في اللحاق بدول العالم وان تكون الكويت مركزا ماليا وتجاريا في المنطقة وهي رغبة سمو أمير البلاد والتي لن تتحقق الا بتعديل القانون من قانون محلي الى قانون عالمي يتماشى مع ما يتطلبه نظام الرقابة للمؤسسات الدولية على الهيئات والأسواق في دول العالم.
ان القصد من هذه المقالة وهدفها الوحيد المصلحة لبلدنا لرفعة شأنه أمام الدول بما يخدم المصلحة العامة لما فيه خير هذا البلد الطيب.
والله المستعان.

Previous Post
بلدية الكويت إلى أين؟
Next Post
ميزانية الدولة إلى أين؟
15 49.0138 8.38624 1 1 4000 1 https://wijhatnathar.com/blog 300