ورطة المواطن
إن أي مواطن في أي دولة في العالم يعيش حياته حسب الأنظمة والدساتير الموجودة والمطبقة في وطنه وهنا يكيف حياته حسب النظام الموجود ومدى جدية تطبيقه وفي أي اتجاه.
لذلك نرى دول تراعي حقوق وواجبات المواطن بعدالة ومن خلال القانون، وهنا يعيش المواطن براحة التنافس الشريف وعلى قدراته الذاتية، والحرص على تطويرها للترقي لينفع نفسه ووطنه، اما الدولة التي لا تراعي ذلك والخلط وعدم التوازن بين الحقوق والواجبات للمواطن والاعتماد على الترضيات والمحاصصات السياسية وعدم وضع الرجل المناسب في المكان الناسب ما يخلق الفوضى في الادارة ويضيع المواطن وتختلط عليه الحقوق بالواجبات ويدخل في نفق عدم الانتاجية.
ومن هذين النموذجين أين يقع المواطن الكويتي؟
وللجواب على ذلك يجب ان نحلل أنواع الانظمة الموجودة في العالم واثرها على حياة المواطن وبالتالي اثر نظامنا على حياة المواطن الكويتي ومستقبله ومستقبل الاجيال القادمة، لذلك في دول العالم يكون هناك انظمة مختلفة من حيث دور الاحزاب في المشاركة في الحكم، منها النظام الرئاسي والبرلماني وانظمة تشمل المزج بين النظامين، لذلك فنظام الحكم في الكويت أميري ديمقراطي فللكويت سيادة ودستور ويرأسها صاحب السمو أمير البلاد، ويشرع قوانينها مجلس أمة مكون من خمسين عضوا ينتخبون كل 4 سنوات بالاقتراع الشعبي الحر، وتنقسم السلطات بالكويت الى سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية يرأسها الأمير، ولا يسمح وفقاً للدستور بتشكيل الاحزاب على الرغم من وجود الكتل النيابية المتغيرة، هذه مقدمة مهمة لنظام الحكم في الكويت، وهو نظام مختلط بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني ويمنع الدستور تشكيل الاحزاب، وبالتالي ليس للاحزاب دور مهم في الحياة السياسية ولكن ما نراه في واقع الحياة السياسية، ان هناك احزاباً غير معلنة وتمارس عملها ولها مقرات وانتخابات معلنة فكيف يكون ذلك؟ ان ترك الدولة لتلك الاحزاب غير المعلنة وغير المرخصة دستورياً بالعمل رسمياً وعملياً مخالف للقانون والدستور، وصار لها تأثير سلبي على الحياة السياسية في الدولة، من حيث التأثير على المواطنين في سير حياتهم العامة، بالانضمام الى تلك الاحزاب للحصول على امتيازات غير عادية توفرها الدولة لتلك الاحزاب، فالمواطن محتار في اي اتجاه يسير، اما بالانضمام الى تلك الاحزاب والحصول على امتيازات وافضلية في التعيين في المراكز الرئيسية بالدولة او ان يكون مستغلاً ويعتمد على نفسه من حيث قدراته الذاتية وفي هذه الحالة ليس هناك دعم او افضلية او أولوية له في الدولة، فاحترام النفس والاستقلالية تفقده كثيراً من الامتيازات التي يحصل عليها المواطن الآخر، الذي ينضم الى تلك الاحزاب وهذه تفرقة فاحشة بين نوعين من المواطنين، ومحيرة في الوقت نفسه، والسؤال المهم لماذا توفر الدولة تلك الامتيازات لتلك الاحزاب، وهي ممنوعة قانوناً ودستوراً، واعضاؤها لم ولن يكون لهم ولاء للدولة بل ولاء دائم للاحزاب وهم سبب في تأخر التنمية في الدولة؟
اما المواطنون المستقلون والذين لا يريدون الانضمام لتلك الاحزاب والاعتماد في حياتهم على قدراتهم الذاتية، وهم في معظمهم من التكنوقراط المتخصصين والمنتجين في حياتهم وولاؤهم لوطنهم وليس لتلك الاحزاب، انها مأساة حقيقية تحبط المواطنين المستقلين، والدولة لا تفكر في تغيير ذلك لصالح مستقبل وتنمية البلد فما العمل؟
العمل المطلوب من الدولة أن توقف تلك الاحزاب والتنظيمات غير القانونية وان توقف اعطاء تلك الاحزاب والتنظيمات الامتيازات غير العادية في الوظائف الحكومية والمعاملات التجارية او الدينية السياسية والاتجاه الى الحياد مع المواطنين في اعتلاء المناصب، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب حسب الكفاءة والمساواة في تكافؤ الفرص والحياد في العمل التجاري واعطاء الجميع الحقوق بشفافية كاملة وحسب القانون، انه الطريق الصحيح للوصول الى الدولة المدنية الحديثة المستدامة فمتى نعيد تفكيرنا ونحترم الحقوق والواجبات للمواطن ودفعه الى ان يكون منتجاً حقيقياً لما فيه خير ومصلحة هذا البلد الطيب، والله المستعان.